أخبار مصرتحقيقات

مصر في قبضة بلطجية “الإمبراطور”.. وسيادة القانون في خطر

لماذا تتبني أجهزة الدولة توسيع دائرة الخوف، واستحضار الأرواح الشريرة من جديد؟

كتب: محمد يونس

مصر في قبضة بلطجية “المعلم” يعيثون في الأرض فساداً وإفساداً ويعقدون الصفقات المشبوهه في وضح النهار واَناء الليل ويرسخون مبادئ دستورهم الخاص وسن قوانين الجباية علي مخلوقات الله، هنا دولة المعلم الذي يحكمها بالمال وسطوة السلاح وشبكة العلاقات العنكبوتية المكونة من مفسدي عصر “مبارك”، والممتدة إلي دولة الجمهورية الجديدة من خلال رجال حزب سياسي كبير يتبنون عودة المعلم من جديد إلي الساحة في ثوب رجل أعمال وطني.
“المعلم” أو “الأمير” لم يحصل علي ألقاب رسمية موقعة من الديوان الملكي، لكنه أمير بقوة الأمر الواقع، كما أنه ليس بلطجي بالمعني التقليدي أو الكلاسيكي، إنه شريك في سلطة كما يدعي، يعاد توزيع الحصص بين الشركاء فيها، وها هي جماعة “المعلم” عادت لتشارك وتطالب بالحصص، ليس هذا فقط بل إن سنوات الحبس والتشريد أضفت علي “المعلم” روح الضحية المنتصرة والمظلوم الذي تحفظه محبة الناس.

حكم المعلم
يستغل “المعلم” وأنصاره طول أمد التقاضي في المحاكم وتعقيدات إجراءات تنفيذ الحكم في أغلب القضايا المدنية، والتي بسببها يلجأ إليه مواطنين لتحصيل حقوقهم بالسرعة الممكنة، بعيداً عن الاَليات القانونية والقضائية المعروفة، ما يهدد سيادة القانون من جهة، وحقوق أخرين من جانب أخر.

الغوص إلي هذا العالم “السفلي” لم تكن سهلة، تفاصيل كثيرة ومعقدة من خلال “محاكم مخفية غير قانونية”، يترأسها أصحاب سوابق، ينصبون أنفسهم منصب القاضي والدفاع والمنفذ.

عالم “المعلم” المرعب معروف لدي الجهات الأمنية والرسمية، لكنه ما يزال عاملاً بصورة ما في بعض زوايا المجتمع الخاص بهم، بل وبات بعضه يجاهر بنشاطاته غير القانونية، وينضوي تحت مظلته فريق خارج عن القانون، جاهز لتنفيذ الأوامر بلا تفكير أو تردد، يغذيه ميثاق أخلاقي شفوي، بأن لا يتعدي أي شخص علي منطقة الأخر، ويبقي التعاون قائماً بينهم، حتي لا تعم الفوضي أعمالهم غير المشروعة.

يلجأ “المعلم” إلي تحصيل حقوق المواطن بقوة السلاح وبطش رجاله، مقابل نسبة من الأموال يتفق الطرفان عليها، متجاهلين قوة القانون ونزاهة القضاء، فإن البعض يذهب إلي تدمير ممتلكات أخرين، وسلب أموالهم بالقوة، وفرض إتاوات شهرية بحجة توفير الأمن والأمان لهم، “.

لن يتردد قائد البلطجية في عقد صفقاته مع المتضررين في وضح النهار أو عتمة الليل، وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها المواطن و “إجراءات التقاضي الطويلة”، فإن بعض المتضررين يلجؤون إلي بلطجية “المعلم” كملاذ أخير، رغم علمهم بأن ذلك سيدخلهم إلي دائرة النار التي قد ينكوون بها، إلا أن هذا الشعور قد يتلاشي بمجرد الوعود التي يطلقها البلطجي، أمام الجميع فيتحول شعور اليأس إلي بارقة أمل، فقدها هذا المتضرر لسنوات عديدة.

جلسات “المعلم” وأنصاره موثقة بالصوت والصورة تحتي مسمي الصلح خير بعد إتمام عملية إبتزاز الضحية في أموال أو عقارات أو أراضي، وكل هذا يتم تحت تهديد مباشر من رجال “المعلم” ولا يوجد مانع أحياناً من إستخدام علاقاته ببعض رجالات الدولة.

المعلم والحاج والآثار
في محافظة الجيزة التابعة لجمهورية مصر العربية يمتلك “المعلم” سجل هائل من الإجرام بالتعاون مع مجموعات وتشكيلات من الخارجين عن القانون الذين يعملون تحت مظلة مقننة ألا وهي شركات حراسات وأمن خاصة تحوي بداخلها مافيا من المسجلين خطر فئة “أ” ومفتولي العضلات، لإدارة الأعمال القذرة والمشبوهه من تجارة عملة وأثار وابتزاز المواطنين.

حكاية المدعو “الحاج” وهو أحد رجال “المعلم” المخلصين الاشداء ذات الصيت الذائع في كافة إرجاء المحافظة بضواحيها، الذي يمتلك تلك الشركة القابعة في إحدي الشوارع السياحية الكبري، أنه ذراع “المعلم” الأيمن كما يدعي،
عالم تجارة الآثار ملئ بالحكايات والخرافات، هناك طماع لديه ما يكفيه ويريد المزيد بأسرع وقت وهناك النصاب الذي ينتظر الانقضاض عليه،
الايقاع بالزبائن سواء بالشرط الجزائي أو ببيع التماثيل المقلدة، يستقطب هذا “الحاج” وأنصاره الواهمين بحلم الثراء السريع والبحث والتنقيب عن الآثار ويستدرجهم لجلسات مع شخص يدعي “الدكتور” وهو شريك أساسي في عملية النصب، وتكون وظيفته ايهام الزبون بأن المكان يوجد به من الخيرات الكثير ودوره الكشف علي القطع الأثرية ليقرر ما إذا كانت سليمة أو مقلدة مقابل شرط جزائي ٣٥ ألف جنيه إذا كانت البضاعة داخل القاهرة، أما خارج العاصمة فيتراوح من ٥٠ إلي ٢٠٠ ألف جنيه، حسب بعد المكان ونوعية الزبون المستهدف، ليأتي دور “اللعيب”، وهو فرد من أفراد عصابة “الحاج” يدعي ملكيته للقطع الأثرية الموجودة في باطن الأرض ويسعي لبيعها، ومن هنا تبدأ لمعة عيون الزبائن واستخراج أموال طائلة منهم من أجل التنقيب والبحث عن ثروات باطن الأرض،
“الحاج” هو جزء من منظومة “المعلم” التي تعمل بشكل ممنهج في تطوير عمليات النصب والابتزاز تحت تهديد السلاح والخارجين عن القانون من شباب الصالات الرياضية والمسجلين خطر، لا يعرف للقانون وسيادته طريق أو سبيل، يعمل وفق قانون الغاب الذي شرعه لنفسه حتي أصبح أسطورة جديدة تحاكي عليها الأجيال.

باقي حكايات وشغل “الحاج” المشبوه سنسرده لكم قريباً بالصوت والصورة لأنها تحتاج منا مجلدات ومراجعات

سلطة موازية
“المعلم” هو رأس مجموعة “حكام تنفيذيين” يحققون السيادة والسيطرة، بعيداً عن القانون وصداع الحقوق ومستلزمات الدولة الحديثة، إنه ابن نظام بني شبكات من سلطة موازية، أقرب إلي عصابات سرية تعبر عن وجود قوي موازية لسلطة الدولة، تحاول حسم الحروب الصغيرة، وقطع الطريق علي من يهدد مصالحها عبر تجنيد عناصر مدربة في عصابات محترفة.

الشعور بوجود هذه العصابات أحياناً أخطر من وجودها فعلاً، ربما لأنها تكون في لحظة من اللحظات عنصراً حاسماً في حسم معركة سياسية أو قضائية، يتعطل فيها القانون وينتصر فيها الاقوي أو الأكثر قدرة علي الإيحاء بأنه الاقوي، ولم تهزم هذه السلطة الموازية عندما سقط نظام، لكنها استمرت وشكلت تنظيمات أخري حتي أصبح “المعلم” زعيم مافيا يحكم ويتحكم ويدير عصابات ويؤدي أدواراً في السيطرة علي منطقة نفوذه، ليس معروفاً بدقة حجم هذه الشبكة في الوقت الراهن أو مدي تأثيرها، لكنها ما تزال مؤثرة ويمكن تفعيلها من قبل أي سلطة، لأنها ببساطة تعمل بقانون الولاء للراكب علي السلطة.

مافيا “المعلم” قديماً كانوا عصي الأنظمة الغليظة لتأديب المعارضين، وفتوات الانتخابات البرلمانية، وعزوة كل ظالم، وجيش كل متكبر، حديثاً صاروا فزاعة ترهب المواطنين، واَلات قتل للإيجار، فالقضاء والقانون قد يدين “المعلم” وعصابته بتهم عادية مثل حيازة مخدرات وأسلحة غير مرخصة أو حتي البلطجة وممارسة الدعارة، لكن المهم كيف ندين أمثاله علي مشاركتهم في إرهاب المجتمع وترويع الأمنيين؟.

عندما تتفشي البلطجة ويكون الشغل الشاغل لأي مواطن طبيعي هو الحفاظ علي حياته، لن يسأل أحد الحكومة عن خدمات وارتفاع أسعار، عندما تسود شريعة الغاب في الشارع لن يكون أحد مهيئاً للاستماع الي مطالبات الشرفاء وحديثهم عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

الاستقواء علي الشرفاء وترك الحبل علي الغارب لمثل هؤلاء، يجعل المواطن لا يثق في قياداته أو إنجازات رئيسه مهما كان حجمها، أخشي أن أكون قاسياً في بعض الأحيان، ولكن ضاق صدري بما يحدث وتراه عيني وتسمعه أذني من عودة هؤلاء للمشهد من جديد.

الرائحة قد تكون عفنة، لكن علينا أن نتحملها قليلاً حتي ننظف جسد الوطن بأكمله منها.
هذا الملف قريباً علي مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي لما يحويه من خطورة علي الأمن القومي المصري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!