من الغرب إلى الشرق…زعماء العالم ينعون الملكة إليزابيث الثانية
بعد 70 عاماً من الانتظار...تشارلز يُصبح أخيراً تشارلز الثالث ملك بريطانيا
من الغرب إلى الشرق…زعماء العالم ينعون الملكة إليزابيث الثانية
وأعلن قصر باكنغهام أن ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، 73 عاماً، أصبح ملكاً للبلاد خلفاً لوالدته إليزابيث “التي توفيت في هدوء” في مقر إقامتها بقصر بالمورال بعد ظهر الخميس.
وأعرب البيت الأبيض في بيان عن تعاطفه مع عائلة الملكة إليزابيث الثانية ومع شعب المملكة المتحدة بعد وفاتها.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن إرث الملكة إليزابيث سيبقى خالداً في صفحات التاريخ البريطاني وتاريخ العالم، وأنها كانت “امرأة دولة ذات وقار وثبات لا مثيل لهما”.
بدورها، أشادت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس بالملكة إليزابيث ووصفتها بـ “روح بريطانيا العظمى” والصخرة التي بُنيت عليها بريطانيا الحديثة.
وقالت تراس، متحدثة خارج مكتبها ومقر إقامتها في داونينغ ستريت، إن الملكة كانت “مصدر إلهام شخصي لي، وللعديد من البريطانيين”.
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الخميس بمزايا الراحلة، وما عرفت به من “فضيلة ونعمة وتفان”، منوّهاً “بحضورها المثير للطمأنينة على مدى عقود من التغيير الكبير”.
وقال غوتيريش في بيان إن الملكة “كانت موضع تقدير كبير لما تمتعت به من فضيلة ونعمة وتفان حول العالم. كان حضورها مثيراً للطمأنينة على مدى عقود من التغيير الكبير، بما في ذلك انتهاء الاستعمار في أفريقيا وآسيا”.
وفي فرنسا، أشاد الرئيس إيمانويل ماكرون بالراحلة، معتبراً أنها “صديقة لفرنسا وملكة للقلوب” طبعت “بلادها والقرن”.
وكتب الرئيس الفرنسي في تغريدة بعد نشر صورة للملكة “جلالتها الملكة اليزابيث الثانية جسدت استمرار ووحدة الأمة البريطانية طوال أكثر من سبعين عاماً. أحتفظ بذكرى صديقة لفرنسا، ملكة للقلوب طبعت بلادها والقرن، إلى الأبد”.
وأكد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في تعازيه أن الملكة الراحلة “حظيت بأعلى درجات الاحترام والاحترام في جميع أنحاء العالم”.
كما أعرب مستشار ألمانيا أولاف شولتس عن حزنه لوفاة الملكة، مؤكداً أن العالم سيفتقدها.
أما في إيطاليا، فعبر رئيس الوزراء ماريو دراغي عن تعازيه مؤكداً أن الملكة “المحبوبة” مثلت المملكة المتحدة و منظمة الكومنولث “بتوازن وحكمة”.
وقال دراغي في بيان: “لقد حافظت على الاستقرار في أوقات الأزمات وأبقت قيمة التقاليد حية في مجتمع في تطور مستمر. إن روح الخدمة والتفاني لديها، طوال هذا الوقت الطويل شكلت مصدر إعجاب دائم لأجيال”.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن وفاة الملكة اليزابيث “خسارة لا تعوّض” معرباً عن “حزنه العميق” من النبأ، موجهاً تعازيه باسم الشعب الأوكراني إلى نظيره البريطاني.
وفي كندا، اعتبر رئيس الوزراء جاستن ترودو أن الملكة اليزابيث شكلت “حضوراً دائماً” في حياة الكنديين و”ستبقى إلى الأبد جزءاً مهماً من تاريخ بلدنا”.
كما كتبت ماري سيمون الحاكمة العامة لكندا على تويتر، أن الكنديين في جميع أنحاء البلاد يشعرون بالحزن لرحيل الملكة إليزابيث، وقدمت تعازيها إلى العائلة المالكة البريطانية.
وأرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، بدوره، تعازيه في وفاة الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا، وكتب على تويتر “نيابة عن حكومة وشعب إسرائيل، أرسل التعازي للأسرة الملكية وشعب المملكة المتحدة في وفاة جلالتها الملكة إليزابيث الثانية. تترك وراءها إرثاً لا يضاهى في القيادة والخدمة. نتمنى أن تدوم ذكراها مباركة”.
وأشاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بالملكة إليزابيث الثانية، معتبراً أن الراحلة التي وصفها بـ”إليزابيث الصامدة” كانت تجسد “أهمية القيم الثابتة”.
وفي قارة آسيا، أبدى رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي الخميس “ألمه” لوفاة ملكة بريطانيا التي “جسدت قيادة ملهمة لامتها وشعبها”، مضيفاً أنها “جسدت الكرامة في حياتها العامة”.
وعلى الصعيد العربي، نعى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الراحلة إليزابيث الثانية، قائلا إنها “كانت منارة للحكمة والقيادة لمدة سبعة عقود”.
وأضاف في تغريدة على تويتر، أن الملكة إليزابيث “كانت شريكة للأردن وصديقة عزيزة للعائلة. نحن نقف إلى جانب شعب وقيادة المملكة المتحدة في هذا الوقت العصيب”.
كما قدم العراقي برهم صالح، تعازيه بوفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية.
وتولى تشارلز العرش في سن مواتية للتقاعد أكثر منه للإصلاحات كبرى، وبعد 70 عاماً من تعيينه وريثاً للعرش، وهي مدة قياسية في تاريخ الملكية البريطانية، وذلك فور وفاة الملكة بحكم مقولة لاتينية قديمة “ريكس نونكوام موريتور” الملك لا يموت.
وأكد مكتبه في المساء أن اسمه سيكون تشارلز الثالث، بعد وقت قليل من توجيه رئيسة الوزراء ليز تراس التحية للعاهل الجديد الذي خاطبته قائلة: “اليوم، ينتقل التاج، كما حصل منذ أكثر من ألف عام، إلى ملكنا الجديد، رئيس دولتنا الجديد، جلالة الملك تشارلز الثالث”.
وطلبت الملكة الراحلة الثلاثاء من تراس تشكيل الحكومة الجديدة لدى زيارتها في قصر بالمورال.
سيُتوج تشارلز رسمياً بعد أسابيع على الأقل، بعد تخطي صدمة وفاة إليزابيث الثانية المحبوبة التي رحلت عن 96 عاماً، في احتفال مهيب، لا مثيل له في أوروبا، مثل إليزابيث نفسها تُوجت في يونيو (حزيران) 1953، بعد 16 شهراً من إعلانها ملكة.
ويتوقع موريس أن يحبذ تشارلز “تتويجاً أسرع وأصغر”، لكن كل شيء يتوقف على الموعد، لتجنب الشتاء.
كاميلا زوجة الملك
وستصبح زوجته الثانية كاميلا زوجة الملك، وهي أمنية عبرت عنها الملكة في فبراير (شباط) الماضي. وهو موضوع حساس عند البريطانيين. فبعد زواجها من الأمير تشارلز في 2005، اختارت كاميلا التخلي عن لقب أميرة ويلز المرتبط بالأميرة ديانا التي خانها تشارلز معها لسنوات.
إنه مصير غريب يواجهه هذا الأمير صاحب الشخصية المتفردة.
وتشارلز المولود في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 1948، كان بصفته الابن الأكبر وريث العرش، منذ أن كان عمره 3 أعوام و3 أشهر، في فبراير (شباط) 1952، عندما أصبحت الأميرة إليزابيث ملكة في الـ25، ملكة بعد وفاة والدها جورج السادس.
منذ توليه مهامه الرسمية الأولى في السبعينات، كان دور أمير ويلز “دعم جلالة الملكة، بصفتها محور الفخر الوطني”.
وهكذا رحب نيابة عنها بكبار الشخصيات في المملكة المتحدة، وحضر مآدب عشاء رسمية وسافر إلى 100 دولة ومنح آلاف الأوسمة، وحضر الافتتاحيات وكرّم الأبطال، وكتب أو سجل عدداً لا يحصى من رسائل التشجيع أو التهنئة. وحل محل والدته بشكل متزايد مع تدهور حالتها الصحية.
وفي مايو (آيار)، ألقى لأول مرة بدلها خطاب العرش في البرلمان، وهي واحدة من أهم وظائفه الدستورية.
بستنة وبصمة بيئية
عرفه البريطانيون على نحو خاص من خلال مجريات انهيار زواجه من الأميرة ديانا، ما ألحق به كبير الضرر في التسعينات، وكذلك زواجه من كاميلا.
ولكن تشارلز الشغوف، شغل سنوات انتظاره على أفضل وجه، فكان من أول المدافعين عن البيئة، ومحباً للطب البديل، ومتحمساً للتخطيط الحضري المستدام، وبستانياً ملهماً يتحدث إلى أشجاره. وهو ينشر منذ 2007، “بصمته البيئية” إجمالي 3133 طنًا من ثاني أكسيد الكربون في 2020 مقارنة مع 5070 في 2019.
ويترأس أكثر من 420 جمعية خيرية أو يرعاها، وأهمها مؤسسة برنسز ترست Prince’s Trust التي ساعدت أكثر من مليون شاب يواجهون صعوبات منذ إنشائها في 1976.
ولكن ما الذي يجعل هذا الأرستقراطي العجوز يحظى بهذه النسبة المتدنية من الشعبية؟. هل هو سنه، أم حرجه؟ أم تعبيره عن آرائه؟ إلى حد التدخل في الشؤون السياسية بخلاف أمه التي حافظت على موقف محايد تماما؟
بلغت نسبة مؤيديه 56 % فقط وفق استطلاع لمعهد يوغوف YouGov في مايو (آيار)، وهي بعيدة جدًا عن الملكة التي حصلت على 81 % وعن ابنه الأمير وليام 77%، وزوجته كيْت ميدلتون. أما حصة كاميلا فلم تتعد 48% من الآراء الإيجابية.
ومنذ وفاة والده الأمير فيليب في ربيع 2021، وبينما قل حضور الملكة في المناسبات العامة، عزز تشارلز الدائرة الملكية حوله مع كاميلا، وابنه الأكبر وليام وشقيقه، الأصغر إدوارد.
وها هو يتولى مقاليد مؤسسة ذات دور متضائل في العالم، في وقت وفي عمر يمثلان تحدياً مزدوجاً.
لا أحد يعرف كيف سيتمكن تشارلز فيليب آرثر جورج، من أداء هذا الدور، ولكن أمراً واحداً مؤكداً هو أن سنوات حكمه ستكون معدودة.