أخبار مصرعاجلمجتمع مدنى

مفتي الجمهورية: لا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع

مفتي الجمهورية: لا توجد ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية ويؤكد يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا بعد نفخ الروح في الجنين إلَّا لضرورةٍ طبية ويكشف يكشف تفاصيل مؤتمر الإفتاء العالمي القادم في أكتوبر المقبل

مفتي الجمهورية: لا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع

مفتي الجمهورية: لا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع
مفتي الجمهورية: لا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع

كتب: وراء الاحداث

قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم, إن الفتوى ميراث نبوي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفهم صحيح سديد وبمنطلقات منضبطة نستطيع بها أن نحمي المجتمعات, ونراعي المتغيرات, والسياقات.

وأضاف فضيلة مفتي الجمهورية -خلال لقاء المفتي الأسبوعي مع أحد البرامج التلفزيونية اليوم الجمعة – أن الفتوى الرشيدة لا تنفصل عن الواقع, حيث إن تنزيل الأحكام الشرعية وتطبيقها على واقع الناس أمر دقيق, لا بد معه من إدراك الواقع, والإحاطة به, من خلال منظومة كاملة من العلوم, وتحري الواقع الاجتماعي والفكري, ومعرفة عالم الأشياء والأشخاص والأحداث والأفكار, وعلاقات تلك العوالم بعضها بالبعض, فمن كان معزولا عن الواقع, أو لا يتابعه, أو يتابعه بصورة سطحية, فإن فهمه للشرع الشريف سيكون في المقابل منقوصا ومشوها.

وتابع أن منصب الفتوى مسئولية كبيرة, ومنصب خطير, وبالعناية جدير, فإن المفتي موقع عن رب العالمين, وخليفة الأنبياء والمرسلين. وحاجة الناس إلى الفتوى لا تكاد تنفك عن حاجتهم إلى حفظ الكليات الخمس, فقد تكون سبيلا ومقدمة يتوقف عليها حفظ هذه الكليات, كما أنها تعين المسلم على أداء التكاليف الشرعية على الوجه الصحيح.

وأوضح أن اللجوء للمتخصصين وأهل العلم أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعت إليه, وذلك تأكيدا لدور العلم والتخصص في حياة الناس وصلاح المجتمعات, وهذا ما تقوم به دار الإفتاء; فتستعين بالمتخصصين كل في تخصصه; لضمان أن تخرج الفتوى على أساس علمي مؤصل مبني على تصور صحيح مرتبط بالواقع.

وأكد المفتي عظم قدر العلماء وتوقيرهم, وأن العلوم النافعة في درجة واحدة, وأن الشرع الحنيف حض على توقير أهل العلم; ولا توجد ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية, ولا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع, فطلب العلم بكافة تخصصاته من ضمن التكليفات الشرعية, بل يعد من فروض الكفاية في الشرع الشريف.

وأشار إلى أن المسائل الطبية في الأساس مرجعها إلى الأطباء والفتوى متوقفة في توصيفها على رأي الأطباء الثقات الأكفاء, مؤكدا أنه ليس عيبا أن يقول المفتي “لا أعلم”, فالإمام مالك عرضت عليه 40 مسألة فأجاب في 36 منها بــ “لا أعلم”.

أضاف المفتي أن الفتوى الرشيدة ليست تطويعًا للنص الشرعي بل حسن تطبيق النص الشرعي، مشيرًا إلى أن التقليد شُرع تخفيفًا على المكلفين، وفي اختلاف أئمة الاجتهاد رحمة للناس؛ قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]، ولذلك لم يجب على المقلد التزام مذهب معين في جميع المسائل كما قال جمهور أهل العلم، بل يجوز له الأخذ في كل مسألة بأي مذهب شاء من مذاهب الأئمة المتبوعين إذا أفتاه به أحد المفتين، فهذا سعة ورخصة لمن لم يصل إلى درجة الاجتهاد، كما يجوز للمفتي المقلد أن يخرج عن مذهب إمامه ويفتي بمذهب إمام آخر؛ وذلك نظرًا لتطورات العصور والمجتمعات واختلاف موازين المصالح والمفاسد باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال، فالجمود على اتِّباع مذهب واحد حتى لو صار غيره هو الملائم للواقع ليس من الفقه في شيء.

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن اللجوء للمتخصصين وأهل العلم أمر حثت عليه الشريعة الإسلامية ودعت إليه، وذلك تأكيدًا لدور العلم والتخصص في حياة الناس وصلاح المجتمعات، وهذا ما تقوم به دار الإفتاء، فتستعين بالمتخصصين كلٍّ في تخصصه، لضمان أن تخرج الفتوى على أساس علمي مؤصل مبني على تصور صحيح مرتبط بالواقع.

وأكد المفتي، على عِظم قدر العلماء وتوقيرهم، وأن العلوم النافعة في درجة واحدة، وأن الشرع الحنيف حضَّ على توقير أهل العلم، ولا توجد ازدواجية بين العلوم الدينية والدنيوية، ولا توجد خصومة بين الفتوى الرشيدة والعلم النافع، فطلب العلم بكافة تخصصاته من ضمن التكليفات الشرعية، بل يُعد من فروض الكفاية في الشرع الشريف.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن المسائل الطبية في الأساس مرجعها إلى الأطباء والفتوى متوقفة في توصيفها على رأي الأطباء الثقات الأكفاء، مؤكدًا أنه ليس عيبًا أن يقول المفتي “لا أعلم”، فالإمام مالك عُرضت عليه 40 مسألة فأجاب في 36 منها بـ “لا أعلم”.

 الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إننا في دار الإفتاء المصرية ومنذ سنين طويلة نحذر من المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالزيادة السكانية التي تدعو للتكاثر بلا مبرر، مشيرًا إلى أن الزيادة السكانية من التحديات الكبرى التي تواجه كثيرًا من المجتمعات والتي سيتم مناقشتها في مؤتمر الإفتاء العالمي أكتوبر المقبل، لكونها تَمس الأمن الفكري والأمن القومي وتتطلب علاجًا حاسمًا لتفادي الأزمات الاقتصادية المترتبة عليها، ولارتباطها ببعض الأفكار المغلوطة التي ترى أن تقنينها وحلها يتعارض مع المشيئة الإلهيِّة.

مضيفًا فضيلته أن هناك اتساقًا بين جميع النصوص الشرعية التي تدعو لرخاء الإنسان وتحقيق استقراره، ولا تتعارض مع التوازن بين عدد السكان وتحقيق التنمية، حتى لا تؤدي كثرة السكان إلى الفقر، حيث إن تنظيم النسل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا، لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

وأكد المفتي أن تنظيم النسل جائز شرعًا، وأن الْتِماس الزوجين لوسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة تناسب ظروفهما لا ينطبق على التحذير من قتل الأولاد خشية الإملاق، لأنهم لم يتكونوا بعد.

وأوضح مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية استقرت في فتواها على أن تنظيم النسل من الأمور المشروعة والجائزة شرعًا، كما أنه يجوز شرعًا للزوجين البحث عن الوسائل الطبية لتمكينهم من الإنجاب إذا كانت هناك أسباب تمنعهم منه من الأصل، وهذه المنظومة التي نسير عليها هي رؤية متكاملة وشاملة ومتسقة مع منظومة التشريعات المصرية، كما أن الإسلام يدعو للغنى وليس إلى الفقر، ويدعو للارتقاء بالمجتمع والأسرة.

ونبَّه المفتي على خطورة الاعتقاد بضرورة التكاثر من غير قوة، مشيرًا إلى أن ذلك داخل في الكثرة غير المطلوبة التي هي كغثاء السيل كما جاء في النصوص الشرعية، ولذا يجب فهمها في إطار متكامل وشامل.

وأضاف مفتي الجمهورية قائلًا: “إن الوضع المعاصر تغيَّر، لأن الدولة أصبحت مسئولة عن توفير العديد من المهام والخدمات، ولو تُرك الأمر هكذا لأصبحت الدول في حرج شديد، ولذا فتنظيم النسل الآن لا يتعارض مع روح الشريعة التي تؤيد تغيُّر الفتوى بتغير الزمان والمكان تحقيقًا لمقاصد الشريعة”.

وأشار المفتي إلى أن تنظيم النسل لا تأباه نصوص الشريعة وقواعدها قياسًا على «العزل» الذي كان معمولًا به في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجوز للزوجين أن يلتمسا وسيلة من الوسائل المشروعة لتنظيم عملية الإنجاب بصورة مؤقتة إلى أن تتهيأ لهم الظروف المناسبة لاستقبال مولود جديد يتربى في ظروف ملائمة لإخراج الذرية الطيبة التي تقر بها عين الأبوين، ويتقدم بها المجتمع، وتفخر بها أمة الإسلام.

وأما عن الإجهاض وعلاقته بتنظيم النسل فأكد فضيلة مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية ترى أنه يَحرُمُ الإجهاضُ مطلقًا، بعد نفخ الروح في الجنين، إلَّا لضرورةٍ شرعية وطبية، بأن يقرر الطبيبُ المتخصص أن بقاء الجنين في بطن أمه فيه خطرٌ على حياتها، فحينئذٍ يجوز إسقاطه، مراعاةً لحياة الأم وصحتها المستقرة، وتغليبًا لها على حياة الجنين غير المستقرة.

وأشار المفتي إلى أن بعض العلماء قديمًا لم ينظروا للعزل – الذي يشبه تنظيم النسل الآن- من منظور الفقر أو الحاجة، بل نظروا إليه من منظور تجميلي ورفاهية أو مراعاة لصحة الإنسان، فنجد مثلًا الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين يذهب إلى أن العزل بسبب الخوف من حصول المشقة والحرج بكثرة الأولاد والتكاليف ليس منهيًّا عنه شرعًا، لأنه من باب النظر في العواقب والأخذ بالأسباب.

وأختتم المفتي حواره قائلًا: ولا مانع من اتِّخاذ الدولة ما تراه من وسائل وتدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه، فإنه ليس منعًا من الإنجاب مطلقًا، فالمحظور هو المنع المطلق، وهذا ليس منه، وإنما هو طلبُ الدولة الحياةَ الكريمة لشعوبها، وحرصٌ منها على الموازنة بين المواردِ وعدد السكان الذين ينتفعون بهذه الموارد، وهؤلاء يُطالِبون الحكومات بتقديم الخدمات اللازمة لهم في أمور المعيشة المختلفة، والتي تؤثر عليها بالضرورة الزيادةُ في عدد السكان.

واستعرض الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، فعاليات المؤتمر العالمي القادم للأمانة العامة والمقرر عقده يومي 18، 19 أكتوبر 2023م تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي تحت عنوان “الفتوى وتحديات الألفية الثالثة” مشيرًا إلى أن للمؤتمر رسالة واضحة وهي إبراز دور الفتوى والمؤسسات الإفتائية فـي مواجهة التحديـات الكبيرة التي تواجهها البشرية في الألفية الثالثة.

وأضاف المفتي أن هناك عدة أهداف للمؤتمر، منها إبراز دَور الفتوى في القضايا الإنسانية المحورية، وكذلك دعــم التوجـهــات العـالـمــية لمــواجهة التحديات الصحية والاقتصادية وغيرها، مع التأكيد على ضـرورة التمسك بالقيم والأخلاق الحميدة.

وتطرق المفتي إلى محاور المؤتمر التي تشمل كافة التحديات التي تواجه الحاضر والمستقبل وعلاقتها بالفتوى، منها التحديات الفكرية والأخلاقية والتحديات الاقتصادية وتحديات الفضاء الإلكتروني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!