أخبار عربية ودوليةعاجل

«آبى أحمد» يهرب من أزماته بالتعنت فى مفاوضات سد النهضة

تقرير «سري» أمريكي يوثق جرائم حرب أبي أحمد في إقليم تيجراي الإثيوبي ... تطهير عرقي "ممنهج " للسكان وإرغامهم على النزوح ..قرى كاملة تعرضت للدمار أو محيت من على وجه الأرض

«آبى أحمد» يهرب من أزماته بالتعنت فى مفاوضات سد النهضة

«آبى أحمد» يهرب من أزماته بالتعنت فى مفاوضات سد النهضة
«آبى أحمد» يهرب من أزماته بالتعنت فى مفاوضات سد النهضة

كتب : وراء الاحداث

مع تزايد الأزمات الداخلية التى تشهدها إثيوبيا حاليًا، تمارس الحكومة الإثيوبية ما يُعرف بـ«سياسة الهروب إلى الأمام» بمحاولة تصعيد الموقف فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، ورفض أى حلول تقدمت بها مصر والسودان لمحاولة التوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك لمحاولة شغل الرأى العام الداخلى فى إثيوبيا بعيدًا عن المشكلات الداخلية التى تسببت فيها حكومة آبى أحمد.

وتشهد إثيوبيا العديد من النزاعات وحركات التمرد المسلحة فى عدد من الأقاليم والتى لا يسلط عليها الإعلام الغربى كثيرًا مثلما الحال فى عدد من الدول الإفريقية الأخرى، ويأتى على رأس الحركات المسلحة ما يعرف بـ«جيش تحرير أورومو» الذى يشن هجمات على فترات على الجيش الإثيوبى، إضافة إلى وجود حركات مسلحة أخرى فى إقليم بنى شنقول على الحدود مع السودان، وهو الإقليم الذى يقع على أراضيه سد النهضة.

«الحرب فى إقليم تيجراى»

مؤخرًا؛ اندلع نزاع مسلح بين الحكومة الإثيوبية الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراى، وكان السبب الرئيسى للحرب رفض الجبهة، التى كانت تتولى الحكم فى إثيوبيا على مدى 27 عامًا، للسياسات التى اتبعها رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد ودمج الأحزاب العِرقية والإقليمية للجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية، فى حزب الازدهار الجديد، حيث رفضت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى الانضمام إلى الحزب الجديد، وأعلنت أن آبى أحمد أصبح حاكمًا غير شرعى بسبب تأجيله الانتخابات التشريعية، إلا أن الجبهة تحت قيادة حاكم إقليم تيجراى، جبريمايكل، وفى تحد للحكومة الفيدرالية، عقدت الانتخابات التشريعية فى الإقليم، وهو ما اعتبرته حكومة آبى أحمد إجراء غير شرعى.

ورغم حالة التعتيم التى فرضتها الحكومة الإثيوبية بمنع الإعلام الإثيوبى المحلى والدولى من تغطية أحداث الحرب فى الإقليم، خرجت العديد من التقارير الدولية متهمة القوات الإثيوبية الفيدرالية وميليشيات الأمهرة وقوات إريترية بارتكاب جرائم حرب وعمليات اغتصاب جماعى فى إقليم تيجراى.

وفى الأيام القليلة الماضية، اتهم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية فى إثيوبيا، حكومة أديس أبابا برئاسة آبى أحمد، بالسعى لتدمير إقليم تيجراى.

غضب دولى من الحرب فى تيجراى

حالة من الغضب انتابت المجتمع الدولى بعد ظهور تقارير عن الجرائم التى ارتكبت فى إقليم تيجراى ودخلت الولايات المتحدة على الخط، حيث وصف وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، الأعمال التى نُفذت بأنها تطهير عِرقى، فيما قال المتحدث الرسمى باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الوضع الإنسانى فى إقليم تيجراى الإثيوبى مروع للغاية، وأضاف دوجاريك فى تصريحات لقناة «العربية»، أنه «يجب أن يتوقف القتال فى إقليم تيجراى».

منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، مارك لوكوك، قال: «الناس بدأوا يموتون من الجوع فى الإقليم وتدهور الوضع الإنسانى ومازال العنف الجنسى يُستخدم كسلاح حرب».

وتابع: «ليس هناك شك فى أن العنف الجنسى يستخدم فى هذا الصراع كسلاح فى الحرب، وكوسيلة لإذلال وترهيب وصدمة شعب بأكمله اليوم وكذلك للجيل القادم».

وخلال الساعات القليلة الماضية، أعلن أكثر من 120 جنديًا إثيوبيًا من العاملين فى بعثة «يوناميد» بدارفور، امتناعهم عن المغادرة إلى أديس أبابا خوفًا من تعرضهم للتصفية، باعتبار أنهم ينتمون لقومية تيجراى، حيث تقدموا بطلبات لجوء لدى السلطات السودانية.

وبدأت معتمدية اللاجئين بولاية شمال دارفور اعتبارا من أمس الأول «الأحد» فى تفويج الجنود الإثيوبيين الذين كانوا يعملون ضمن قوات حفظ السلام بدارفور ورفضوا العودة إلى بلادهم، مطالبين السلطات السودانية بمنحهم حق اللجوء السياسى بسبب مخاوف أمنية تتعلق بانتمائهم إلى قومية تيجراى التى تخوض حربًا مع أديس أبابا.

وأوضح أن إجمالى عدد الجنود الذين تقدموا بطلبات لجوء لدى المعتمدية، قد بلغ 120 جنديا من بينهم 14 امرأة، وقال إن عملية تفويجهم تتم عبر أربع مراحل، حيث غادر، الأحد، مطار الفاشر الدولى 33 شخصا، فيما غادر، الإثنين، 31 شخصًا.

وأشار إلى أن دائرة اللجوء والشركاء الآخرين سيقومون بتكملة كافة الإجراءات الخاصة بمعاينتهم عقب وصولهم مخيمات شرق البلاد مباشرة.

مأزق الانتخابات الإثيوبية

أزمات آبى أحمد لم تتوقف عند الحرب فى إقليم تيجراى أو حركات التمرد المسلحة فى عدد من الأقاليم الأخرى، حيث يواجه مأزقا جديدا بعد الرفض الأوروبى مراقبة الانتخابات المقررة فى 5 يونيو المقبل، وهى الانتخابات التى يتوقع ألا تحظى بمشاركة كبيرة من جانب المواطنين الإثيوبيين، وهو ما دعا رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد إلى دعوة المواطنين الإثيوبيين الذين لم يسجلوا بعد للحصول على بطاقاتهم الانتخابية لاستغلال الفرصة لانتخاب من يمثلهم فى الانتخابات المقبلة.

وقال الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، جوزيب بوريل، إن قرار مشاركة بعثة مراقبة أوروبية فى الانتخابات الإثيوبية المقبلة قد تم إلغاؤه.

وأعرب البيان عن أسف الاتحاد الأوروبى بشأن رفض إثيوبيا الوفاء بالمتطلبات المعيارية لنشر أى بعثة مراقبة انتخابية، واستقلال البعثة، واستيراد أنظمة اتصالاتها.

وستكون الانتخابات المقبلة السادسة من نوعها منذ إقرار البلاد الدستور الوطنى فى إثيوبيا عام 1994، والأولى فى عهد رئيس الوزراء الحالى آبى أحمد.

ويقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ«المصرى اليوم»: إن رئيس الوزراء الإثيوبى الحالى آبى أحمد ينتمى لقومية الأورومو، وبالتالى هو لا يريد أن يظهر أمام الرأى العام الداخلى فى إثيوبيا بأن مواقفه بها نوع من التراجع عن مواقف الحكومات السابقه والتى كانت تسيطر على صناعة القرار فيها قومية تيجراى، خاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة، الذى تحول إلى مشروع سياسى وليس تنمويًا، موضحًا أن حكومة آبى أحمد تحاول إشغال الرأى العام الداخلى فى إثيوبيا بعيدًا عن الأزمات بإطلاق شعارات أن مصر ضد التنمية فى إثيوبيا.

وأشار إلى أن آبى أحمد بعد الحرب فى إقليم تيجراى واقتراب موعد الانتخابات، لا يريد أن يظهر فى موقف ضعف أو يتنازل نتيجة للضغوط الدولية المفروضة عليه ولا يظهر أى مرونة فى المفاوضات حول السد، موضحًا أن ما تتحدث عنه إثيوبيا حاليًا عن سنوات الملء مجرد جزء فى الاتفاق وتتهرب من الاتفاق القانونى الملزم، كما أنها تطلق على إعلان النوايا الذى تم التوقيع عليه فى الخرطوم، اتفاقية، وهو أمر خاطئ، فهناك فارق بين إعلان النوايا والاتفاقية، وتوقع استمرار المراوغات الإثيوبية فى مفاوضات سد النهضة إلى ما بعد إجراء الانتخابات فى إثيوبيا، وقال: «لا يُنتظر التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة إلا بعد إجراء الانتخابات».

استمرار نزوح المدنيين من إثيوبيا إلى السودان بسبب المعارك في منطقة تيجراي - صورة أرشيفية 

من ناحية اخرى كشف تقرير حكومي أمريكي عن حقيقة التطهير العرقي الذي تمارسه الحكومة الاتحادية الإثيوبية في إقليم تيجراي، والذي أشار إلى عديد من الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها سكان الإقليم من المدنيين .

وأكد تقرير سري داخلي لدى الحكومة الأمريكية حصلت عليه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ونشرته اليوم السبت، أن المسؤولين الإثيوبيين ومقاتلي المليشيات المتحالفة معها تقود حملة لتطهي عرقي منهجي في تيجراي، الإقليم الذي مزقته الحرب في شمال إثيوبيا.

ويوثق التقرير، الذي كتب في وقت سابق من الشهر الجاري، بتعابير قوية، أرضا ذات منازل منهوبة وقرى مهجورة .

وأشار التقرير إلى أن المقاتلين والمسؤولين من إقليم أمهرة الإثيوبي، والذين دخلوا «تيجراي» بدعم من رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، يقومون «عمدا وبكفاءة بتغيير الإقليم المتنجانس عرقيا عبر الاستخدام»الممنهج «للقوة والترهيب، لافتا إلى أن قرى بأكلمها تعرضت لدمار شديد أو مُحيت تماما .

ووثق تقرير الحكومة الأمريكية، بألفاظ بالغة الوضوح، الأوضاع في غرب تيجراي، وهي منطقة تخضع إلى حد كبير لسيطرة مليشيات الأمهرة، مشيرا إلى ما يصفه بـ«حملة واضحة» لطرد سكان تيجراي العرقيين تحت غطاء الحرب .

كما وثق التقرير كيف تعرضت عدة مدن تيجرانية للهجوم ونهب وحرق منازلها، مؤكدا أن البعض هرب إلى الأدغال، وآخرون عبروا الحدود مع السودان بشكل غير شرعي، في حين ظل البعض محاصرا ومرغما على النزوح إلى مناطق أخرى من إقليم التيجراي .

وفي المقابل كانت المدن ذات الأغلبية الأمهرية تشهد ازدهارا ونشاطا نابضا بالحياة في المحلات والحانات والمطاعم حسب التقرير .

بينما ذكر تقرير آخر نشرته منظمة العفو الدولية أمس الجمعة أن جنود ا من إريتريا قاموا وعلى نحو منهجي، بقتل مئات المدنيين التيجراي في مدينة أكسوم القديمة وذلك على مدار عشرة أيام في شهر نوفمبر، حيث قاموا بقتل بعضهم في الشوراع رميا بالرصاص .

في حين رد مكتب أبي أحمد بأنه على استعداد للتعاون في تحقيق دولي بشأن «الفظائع» في إقليم تيجراي، قائلا :«الحكومة تكرر تعهدها بتمكين إقليم يعمه السلام والاستقرار .

يذكر أن الحكومة الإثيوبية شنت حملة عسكرية على إقليم التيجراي في الرابع من نوفمبر الماضي بعد شهور من التوتر مع الحزب الحاكم الإقليمي، المعروف باسم جبهة تحرير شعب التيجراي، والتي حكمت إثيوبيا بقضبة من حديد على مدار ثلاثة عقود حتى وصول أبي أحمد للسلطة في 2018 .

 

استمرار نزوح المدنيين من إثيوبيا إلى السودان بسبب المعارك في منطقة تيجراي – صورة أرشيفية

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!