أخبار عربية ودوليةعاجل

الأمم المتحدة تحذر إسرائيل: اجتياح رفح سيؤدي إلى “مذبحة

إدارة بايدن تحقق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل في غزة ...فرنسا تقدّم مقترحاً للتهدئة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية

الأمم المتحدة تحذر إسرائيل: اجتياح رفح سيؤدي إلى “مذبحة

كتب : وكالات الانباء

حذرت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء من اجتياح عسكري إسرائيلي محتمل لرفح بجنوب قطاع غزة، قائلة إن الهجوم قد “يؤدي إلى مذبحة” في المدينة الواقعة بجنوب القطاع الفلسطيني المكتظة بما يزيد على مليون نازح.

وتقول إسرائيل إنها تريد إخراج مسلحي حركة (حماس) من مخابئهم في رفح وتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين هناك وإنها تخطط لإجلاء المدنيين الفلسطينيين المحاصرين.

ماذا قال مسؤول الإغاثة بالأمم المتحدة مارتن غريفيث بشأن الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟

• العمليات العسكرية في رفح يمكن أن تؤدي إلى مذبحة، وقد تجعل أيضا عملية الإغاثة الهشة بالفعل على أعتاب نهايتها.
• نحن نفتقر إلى ضمانات السلامة وإمدادات المساعدات وقدرات الموظفين لاستمرار عملية الإغاثة.

• يحذر المجتمع الدولي من العواقب الخطيرة لأي غزو بري في رفح.
• لا يمكن لحكومة إسرائيل أن تستمر في تجاهل هذه الدعوات.
• المتواجدون في رفح “يرون الموت بأم أعينهم” ولا يملكون سوى القليل من الطعام، وقلما يحصلون على الرعاية الطبية، ولا مكان للنوم، ولا مكان آمن يذهبون إليه. قلت منذ أسابيع إن استجابتنا الإنسانية في حالة يرثى لها.

وانتهت محادثات بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل وقطر بشأن هدنة في غزة دون تحقيق انفراجة يوم الثلاثاء مع تزايد الدعوات الدولية لإسرائيل للتراجع عن هجومها المزمع على رفح.

وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الثلاثاء “آمل بصدق أن تنجح المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن والتوصل إلى شكل من أشكال الهدنة لتجنب شن هجوم شامل على رفح”.

وأضاف غوتيريش معلقا على الاجتياح المحتمل لرفح “ستكون له عواقب مدمرة”.

كشفت تقارير صحفية أن إدارة الرئيس جو بايدن تحقق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها إسرائيل خلال الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.

ورغم تأكيد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي الشهر الماضي عدم إجراء هذا النوع من التحقيقات إلا أن موقع “هافنغتون بوست” أفاد بأن مسؤولين أميركيين يجرون تقييمات لانتهاكات إسرائيلية محتملة للقانون الدولي منذ أشهر في قطاع غزة.

كيربي كان قد صرح للصحفيين في 4 يناير، بأنه: “ليس لديه أي معلومة حول تحقيقات رسمية تجريها الإدارة الأميركية بشأن انتهاك الشريك الإسرائيلي للقانون الدولي”، مضيفا: “لم نرَ ما يدعو إلى اتباع نهج مختلف فيما يتعلق بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.

واعتاد المسؤولون في إدارة بايدن التأكيد على أن إسرائيل تحترم المعايير الدولية خلال قتالها ضد حركة حماس في قطاع غزة ما يساهم في تقويض قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا في محكمة العدل الدولية وغيرها من الجهود الرامية إلى تقييم العملية العسكرية الإسرائيلية.

إلا أن موقع “هافنغتون بوست” نقل عن ثلاثة مصادر مطلعة تأكيدهم أن تحقيقات داخلية تجريها الإدارة الأميركية لتقييم الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي من قبل إسرائيل خلال الأشهر الماضية.

العثور على جثمان الشهيدة الفلسطينية الطفلة هند رجب و5 من ...

تحقيقات بشأن الممارسات الإسرائيلية في غزة

• بحسب الموقع فإن وزارة الخارجية تشهد تحقيقات لمسؤولين بشأن السلوك الإسرائيلي في قطاع غزة والذي قد يمثل انتهاكا للقانون الدولي.

• مسؤول في الخارجية بيّن أن الوزارة تحقق فيما إذا كانت إسرائيل، وهي من الدول الرئيسية المتلقية للمساعدات الأميركية، قد ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان تخالف القانون الأميركي، ويمكن أن تعد انتهاكا للقانون الدولي.

• الخارجية الأميركية تقيّم السلوك الإسرائيلي من خلال ما يعرف بالإضرار بالمدنيين وهي سياسة جديدة قدمها بايدن في الخريف الماضي.

• قال المسؤولون إن هذه العملية تهدف إلى مراقبة ما إذا كانت الحكومات الأجنبية تستخدم الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة لإيذاء المدنيين، ويمكن أن تكشف عن أدلة على انتهاكات القانون الدولي.

• خلال إحاطة مغلقة نظمها مجلس الأمن القومي يوم الجمعة في البيت الأبيض، قال مسؤول في مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة تجري تقييمات حول ما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالقانون الدولي، حسبما أكد مصدر حضر الإحاطة لـ”هافنغتون بوست”.

انفصام الإدارة الأميركية

ما كشفت عنه “هافنغتون بوست” يعكس الانفصال بين التزام إدارة بايدن بسياسة الرئيس الداعمة بشكل مطلق لحملة إسرائيل على قطاع غزة، ووعي الخارجية بأن هذه السياسة غير قانونية وتورط مسؤولين أميركيين في جرائم حرب.

كما تتناقض هذه المعلومات مع تصريحات كيربي والذي رفض بشدة انتقادات سياسة إسرائيل، ولا سيما وصف دعوى محكمة العدل الدولية ضد تل أبيب بأنها “عديمة الجدوى، وتؤدي إلى نتائج عكسية، ودون أي أساس في الواقع على الإطلاق”.

ويعتقد بعض الخبراء أن تقييمات إدارة بايدن للأخطاء الإسرائيلية المزعومة يمكن أن تساعد في خلق محادثة أكثر جدية حول المساءلة عن الخيارات الأميركية والإسرائيلية خلال حرب غزة، فضلا عن تغيير المسار.

وكشف بايدن يوم الخميس عن مذكرة جديدة تنص على أن المساعدة العسكرية الأميركية لجميع الدول (بما في ذلك إسرائيل) يجب أن تلتزم بالقانون الأميركي والدولي، وتحدد الخطوات التي يجب على المسؤولين الأميركيين اتخاذها لضمان ذلك.

شكوك حول تطبيق السياسة الأميركية على إسرائيل

وأعرب محللون ومسؤولون سابقون عن شكوكهم في إمكانية تطبيق هذه السياسة بجدية على إسرائيل، التي عاملها بايدن منذ فترة طويلة بدفء أكبر من معظم السياسيين الأميركيين.

وفي ديسمبر، قال مسؤولو إدارة بايدن لصحيفة “واشنطن بوست” إنهم لا يستطيعون تقييم الأعمال العسكرية الإسرائيلية في الوقت الفعلي، لكن ليس لديهم معلومات تشير إلى أن إسرائيل انتهكت معايير حقوق الإنسان العالية تاريخيا للرئيس فيما يتعلق بصادرات الأسلحة.

وتجاوز بايدن الكونغرس مرتين في ذلك الشهر لإرسال الأسلحة إلى إسرائيل.

واحتفل فريق بايدن وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون بمذكرة الأسبوع الماضي باعتبارها خطوة كبيرة نحو منع انتهاكات القوانين الدولية المصممة للتخفيف من تأثير الصراع.

ومع ذلك، قال مراقبون لـ”هافنغتون بوست” إنه حتى لو تم تطبيق هذه المذكرة بصرامة، فسيستغرق الأمر أشهرا حتى يحدث فرقا في الحرب الحالية، وهو احتمال يعتقد الكثيرون أنه ممكن فقط في حال اتجاه بايدن بجدية نحو عملية السلام.

إدارة بايدن تتخطى الكونغرس مجددا في "صفقة طارئة" لبيع أسلحة

دخان بعد قصف إسرائيلي على لبنان (رويترز)

على صعيد اخر تلقى لبنان اقتراحا مكتوباً من فرنسا يهدف إلى وقف الاشتباكات الحدودية بين ميليشيا حزب الله الموالي لإيران والقوات الإسرائيلية، حسبما أفاد مصدر حكومي لبناني، الثلاثاء.

وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته،: “أستطيع أن أؤكد أن لبنان تلقى هذا الاقتراح الذي يدعو بشكل أساسي حزب الله إلى سحب مقاتليه إلى مسافة حوالي 10 كيلومترات بعيداً عن الحدود مع إسرائيل”.

وكان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورني قد سلّم المقترح خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي.

وأضاف المصدر أن نص المقترح تم تسليمه إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ووزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب ورئيس مجلس النواب نبيه بري المقرب من حزب الله.
وورد أن المقترح الفرنسي ينص على أن يقوم حزب الله بسحب مقاتليه من قوات النخبة- معظمهم من أفراد لواء الرضوان- من المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل في جنوب لبنان.

وقال المصدر: “الخطة التي أعدها مسؤولون من الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر بشكل رئيسي تدعو الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى مراقبة هذه المنطقة”.

ومن جانبه، قال مصدر مقرب من حزب الله، إن “الاقتراح أو الورقة التي تتضمن اقتراحات من فرنسا وأطراف أخرى في أوروبا تم تسليمها، ولكن ليس إلى حزب الله بشكل رسمي”.
وتابع المصدر “نكرر موقفنا وهو أنه لن يكون هناك وقف للهجمات من جنوب لبنان، ما لم يتوقف العدوان على غزة”، مضيفاً أن الكلمة الأخيرة ستصدر عن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وتعليقاً على الزيارات الأخيرة التي قامت بها وفود عربية وغربية إلى لبنان، أكد نصر الله أن “كل الوفود التي جاءت إلى لبنان خلال الأشهر الماضية كان لها هدف واحد، وهو أمن وحماية إسرائيل”.
وقال نصر الله في كلمة ألقاها في بيروت لتكريم الجرحى في صفوف حركته إن “الوفود الغربية لا تتناول في أوراقها أي أمر يتعلق بالعدوان والجرائم والمجاعة التي تحدث في غزة”.
وكان زعيم حزب الله يشير بوضوح إلى المقترح الفرنسي.
واتهم الوفود الغربية دائماً بـ”تبني الموقف الإسرائيلي ومن ثم طرحه على لبنان”.
وتصاعدت التوترات على طول الحدود منذ اندلاع الحرب قبل أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
وبحسب ما أعلنه حزب الله،المتحالف مع حماس، فقد قتل 194 من عناصره منذ بدء الحرب الحالية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

مأزق غزة: تدمير شامل وهُدن مشروطة

الجميع يبحث عن هدنة سياسية بعد أشهر من وصول المنطقة إلى حافة الهاوية والانسداد السياسي غير المسبوق، من إيران التي أعلنت تنصلها من أذرعها وميليشياتها ومنها كتائب «حزب الله» التي علقت هجماتها على القوات الأمريكية، وباقي المجموعات المسلحة التي تتخلى بشكل تدريجي عن نسغ وجودها وهويتها التأسيسية شعار المقاومة، في مقابل الحفاظ على الرأس الأيديولوجي متمثلاً في نظام طهران و«الحرس الثوري»، مع فوضى كبيرة في تبادل الاتهامات وتململ كبير في العواصم العربية التي تخترقها إيران بسبب صعود مسألة ما يمكن وصفه بصراع وتحديات الحدود والنفوذ ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي شكل أكبر صدمة لجميع الأطراف، بغض النظر عن توصيفه القيمي.
حتى الإسرائيليون ودول الطوق ستحتاج إلى سنوات لتجاوزه، لكنه أيضاً فتح شهية القوى الدولية إلى صياغة ما يشبه السلام مما أطلق عليه «اليوم التالي»، لكن التداعيات على مستوى الضمير الجمعي والتلبس بمفهوم السلام الثقافي النابع من إيمان العقلاء في المجتمعات العربية بأهمية التعايش والسلم وبناء المستقبل، ستظل تمر بمرحلة حرجة، لا سيما أن زمان ما بعد الحرب سيطلق أشباح الذاكرة للعديد من البشاعة والصلف والوحشية التي ستخلف أيضاً حالات تأزم جمعية أيضاً. وهو ما لم يتم التطرق له اليوم بسبب ضغط مسألة إيقاف الحرب والصيغ التوافقية وإعادة الإعمار.
وبالتالي فإن الكيان الإسرائيلي بسبب وقع الصدمة قد لا يدرك اليوم كما ندرك نحن الموجوعين ببشاعة ما حدث، حجم الخسائر الحقيقية في غزة، ليس على مستوى البنية التحتية وما يمكن إعادة إعماره ربما، لكن على مستوى تحطم المفاهيم والقيم والمشاعر الإنسانية، وربما هم غير قادرين كما أطراف كثيرة في المجتمع الدولي على التفكير فيها، وربما كان تجريد شعب بأكمله من إنسانيته بطريقة بشعة من أجل التسريع في تحقيق هدف واحد وهو القضاء على «كتائب القسام» و«حماس» أو على الأقل قدرتهما على الفاعلية.
السلام الجزئي والاتفاقات النيئة ومحاولة القفز على كل هذا الدمار جزء من استراتيجية إسرائيلية جرّبها الفلسطينيون والعرب كثيراً، لذلك كانت اليقظة السعودية على مستوى السياسة الخارجية واضحة وصريحة وكبيرة ومشرّفة، فالرؤية السعودية التي عبرت عنها بيانات الخارجية بلغة صارمة وما تسرب عن انطباعات كبار السياسيين والمحللين في اللقاءات الكثيفة بالمسؤولين السعوديين، أكدت أنهم مستعدون للعب دور لكن بأفق سياسي واضح ونهايات مرسومة بدقة تنتهي بحل دولتين، وهذا ما تلقته إدارة بايدن بصوت سعودي لا لبس فيه يؤكد أنه لا يمكن طرح ملف السلام أو حتى الحديث عنه ضمن خطة جزئية أو مراحل منفصلة تكرر نفس النتائج لمرحلة «أوسلو» وما بعدها.
السعودية في المقابل تدرك أيضاً خطورة ثنائية النفوذ والحدود، لذلك كان موقفها صارماً وبلهجة تحذيرية صلبة، إذ حذرت من «التداعيات البالغة الخطورة لاقتحام واستهداف مدينة رفح في قطاع غزة، وهي الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي الوحشي على النزوح، وتؤكد رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لترحيلهم قسرياً، وتجدد مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار». وأضاف البيان المطالبة بانعقاد مجلس الأمن الدولي بشكل عاجل «لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».
أكثر الأوراق الغربية تفاؤلاً ومثالية تطرح مسائل من قبيل بداية تحسين الأوضاع في غزة مع اللحظات الأولى من الهدنة، وبناء مساكن مؤقتة لمئات الألوف من النازحين، بل الاعتراف بالدولة الفلسطينية حتى قبل ترسيم حدودها أو التفاوض على شكلها السياسي «السيادة والحدود والنفوذ».
الموقف السعودي وضع الأقنعة الإسرائيلية في الواجهة، فالمسألة اليوم ليست عن مفهوم السلام وإمكانات تحققه، إنما في سؤال الأسئلة: أي مستقبل ينتظر الفلسطينيين؟! وماذا عن النيّات الحقيقية والجادة لدى الإسرائيليين كمجتمع وحكومة للسعي في ذلك؟ ما تبدى من مناكفات وسجال مع الحليف الأساسي لإسرائيل الولايات المتحدة والنقاشات مع بايدن وإدارته، كشف عن ذلك القناع الذي يؤكد أن الطبقة السياسية بجميع تشكلاتها وأجنحتها لا تريد الخروج من ذهنية الاحتلال المستدام أو التنازل عن أي أراضٍ تم احتلالها على مدار خمسين عاماً!.

حرب غزة ومتغيرات الموقف الأمريكي

في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، نفذت «حماس» عمليتها العسكرية، التي أطلقت عليها «طوفان الأقصى». وقد اعتبرت هذه العملية من قبل عدد كبير من المراقبين والمحللين السياسيين، الأكبر ضمن العمليات التي نفذتها الحركة ضد إسرائيل منذ تأسيسها.
والواقع أن هذه العملية اعتبرت فشلاً استخبارياً كبيراً للموساد، الذي يصنف واحداً من أقوى الأجهزة الاستخباراتية في العالم. كما اعتبرت انتصاراً كبيراً لـ «حماس»، وتجسيداً لقدرتها على تحقيق اختراقات كبيرة وغير مسبوقة داخل البنيان الإسرائيلي.ردة الفعل الرسمية الغربية تجاه ما حدث كانت متعاطفة ومؤيدة بالمطلق لإسرائيل، غيبت أسباب العملية، والأحداث السابقة عليها، التي تمثلت في بقاء قطاع غزة لأكثر من سبعة عشر عاماً تحت الحصار، وأيضاً استمرار الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة لأكثر من خمسين عاماً، منذ حرب يونيو(حزيران) عام 1967.
وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل، في اليوم التالي لعملية «حماس»، وأعلن تأييده المطلق لنتنياهو، وتتالى حلفاء أمريكا بالوصول إلى تل أبيب، فقدم الرئيس الفرنسي، ورئيس الحكومة البريطانية، وعدد آخر من رؤساء الدول الأوروبية. وأعلن بايدن عن تقديم دعم عسكري كبير للحكومة الإسرائيلية، ليتبع ذلك دعم مالي كبير، من قبل الكونغرس الأمريكي.

ومنذ الثامن من أكتوبر الماضي، ولمدة تزيد على الشهر، استمر القصف الجوي الإسرائيلي العشوائي على قطاع غزة، من غير تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية. بات مباحاً، تدمير كل شيء، وكان غالبية الضحايا من المدنيين العزل، نساء وأطفالاً.
وقد بلغ عدد الضحايا من الفلسطينيين في القطاع قرابة ثلاثين ألفاً، وما يقرب من السبعين ألف جريح. وفي الضفة الغربية، تجاوز عدد المعتقلين السبعة آلاف شخص، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
وحشية العنف الإسرائيلي قلبت معادلة التأييد الذي حصده نتانياهو في الأيام الأولى لعملية «طوفان الأقصى»، إلى نقيضه. واللافت للانتباه أنها المرة الأولى التي تواجه فيها الحكومة الإسرائيلية غضباً عالمياً، على المستوى الشعبي. فقد عمت التظاهرات المناوئة للهمجية الإسرائيلية معظم عواصم العالم، والمدن الرئيسية، بما في ذلك المدن الأمريكية، والعاصمة البريطانية والفرنسية. وبات الحديث عن الدولة الفلسطينية أمراً متكرراً ومألوفاً.
وفي الوطن العربي، شمل الغضب جميع الدول العربية. وتطور الموقف العربي الرسمي المؤيد للفلسطينيين. وقد حمل الاجتماع الوزاري العربي التشاوري، الذي عقد في العاصمة السعودية، نبرة واضحة وصريحة تجاه الدعوة الفورية لوقف العدوان على غزة، والسماح بالغذاء والدواء للمواطنين الفلسطينيين في القطاع.
التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي بايدن، والتي حملت رفضاً صريحاً لرفع إسرائيل سقف الحرب على غزة، والموقف الإيجابي من مبادرة «حماس» حول تبادل الأسرى تعتبر تحولاً جديداً في سياسة الرئيس بايدن. وقد تزامن هذا الموقف مع دعوة صريحة لفتح معبر رفع من قبل المصريين والإسرائيليين، لدخول المساعدات الغذائية، وتلبية احتياجات المدنيين الفلسطينيين من الدواء.
والأهم في التحول بالموقف الأمريكي هو اعتبار قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حلاً حاسماً للأزمة الحالية. ورغم أن الدعوة لقيام دولة فلسطينية مستقلة من قبل رؤساء أمريكيين هي دعوة قديمة، بدأها الرئيس جيمي كارتر في اجتماع مشترك مع الأمين العام للحزب الشيوعي السوفييتي، ليونيد بريجينف، وتبناها من بعده رونالد ريغان، وإن بصيغة مخففة، اقتصرت على الدعوة لقيام حكم ذاتي، إلأ أنها كانت أكثر وضوحاً، مع بل كلينتون، حيث اعتبر الدولة الفلسطينية المستقلة مفتاحاً لحل معظم الأزمات في المنطقة، وإسهاماً في تعضيد الأمن والسلم الدوليين.
وحده الرئيس دونالد ترامب تنكر بالمطلق للحقوق الفلسطينية، واعتبر تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة هو الحل للأزمة، مختزلاً القضية في حقوق اقتصادية، وليس موضوع احتلال. وتزامن ذلك مع اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكان ذلك سابقة غير معهودة في السياسة الأمريكية، رغم التبني الأمريكي لإسرائيل، ودعمها المستمر منذ تأسيسها عام 1948 بكل عناصر القوة والقدرة على الاستمرارية، وقضم الحقوق الفلسطينية.
ما الذي يدفع بالرئيس بايدن لإعلان موقف جديد تجاه القضية الفلسطينية، مغاير للموقف الذي تبناه، إثر السابع من أكتوبر الماضي؟ هل هو نابع من تغير حقيقي في موقفه الشخصي، هو الذي قال ذات يوم، لو لم توجد إسرائيل، لوجب تأسيسها؟
الجواب كما يراه كثيرون هو التغير الكبير في المزاج الشعبي الأمريكي والعالمي الذي نتج عن وحشية الهجمة الإسرائيلية على الفلسطينيين. إن على بايدن، وهو يعتزم إعادة الترشح لدورة رئاسية قادمة، أن يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي طرأت على مزاج الناخب الأمريكي تجاه الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
إن هذا التغير يبدو أمراً جوهرياً وأساسياً لنجاح حملته الانتخابية، المرتقب إعلانها قريباً. وموقف بايدن في هذا السياق، يبدو موجهاً ضد سياسة نتنياهو، وليس ضد إسرائيل. إن ما يجري على الأرض الآن من وجهة نظر بايدن هو بسبب السياسات اليمينية الإسرائيلية، وعلى هذا الأساس فإن مجيء بديل عنه، أكثر ليبرالية، من شأنه أن ينهي الأزمة الراهنة ويعزز من قوة الدعوة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!