أخبار عربية ودوليةعاجل

“نبع السلام”.. احتلال تركي لشمال سوريا للتغيير الديمغرافى أجبر 300 ألف مدني من السوريين على النزوح وصمت دولي

نزوح السوريين من تل أبيض ورأس العين والدرباسية وعين العرب وعين عيسى ومناطق أخرى شرق الفرات لفرات

“نبع السلام”.. احتلال تركي لشمال سوريا للتغيير الديمغرافى أجبر 300 ألف مدني من السوريين على النزوح وصمت دولي

"نبع السلام".. احتلال تركي لشمال سوريا أجبر 300 ألف مدني من السوريين على النزوح وصمت دولي
“نبع السلام”.. احتلال تركي لشمال سوريا أجبر 300 ألف مدني من السوريين على النزوح وصمت دولي

كتب : وكالات الانباء

اليوم تسجل عملية الخراب والدمار والحرب التي أطلق عليها أردوغان اسم “نبع السلام” عاماً كاملاً شاهداً على جملة من الانتهاكات التركية تحت غطاء أمن الحدود والبعد الاستراتيجي القومي التركي.

على صعيد المشهد السوري لا نرى إلا مزيداً من التعقيدات مع مرور كل يوم جديد على مسار الأحداث إلا أن العام الماضي وتطورات أحداثه أبرزها العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا بسلاح ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” في مناطق شمال وشمال شرق سوريا ضد قوات سوريا الديمقراطية زادت من حدة العنف والتدخلات الدولية والتعقيدات على المشهد السوري ككل.

العملية العسكرية، التي انطلقت بعد انسحاب أمريكي من الحدود السورية التركية بقرار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تسببت في فقدان قوات سوريا الديمقراطية مناطق عدة كانت تخضع لسيطرتها، ما أدى لتغيير خارطة الصراع في مناطق شمال وشمال شرق سوريا.

خارطة جديدة
منذ انطلاق العملية العسكرية التركية في الشمال السوري في 9 أكتوبر تقدمت القوات التركية والفصائل الموالية لها بغطاء جوي وبري مكثف للسيطرة على مساحة تزيد على ربع مساحة لبنان تقريباً.

وفي الوقت ذاته، دخلت القوات السورية (صاحبة الأرض) بموجب اتفاق مع “قسد” بوساطة روسية، إلى منطقة تقدر مساحتها بـ18821 كم ما يعني أن قوات سوريا الديمقراطية فقدت السيطرة على 23641 كم2، بعد أن كانت تسيطر على مساحة قدرها 52916 كم2 (28.6% من إجمالي مساحة سوريا) قبل انطلاق العملية العسكرية “نبع السلام”، ما يعني أن “قسد” لم تعد تسيطر سوى على 15.7% من مساحة سوريا.

كارثة إنسانية
تسببت “نبع السلام” العملية العسكرية التركية في كارثة إنسانية أخرى تضاف إلى سلسلة أزمات السوريين التي يعانون منها منذ 10 سنوات.

وأشارت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن عدد النازحين نتيجة تلك العملية العسكرية تجاوز 300 ألف مدني نزحوا من بلداتهم ومدنهم وقراهم في تل أبيض ورأس العين والدرباسية وعين العرب وعين عيسى ومناطق أخرى شرق الفرات عند الشريط الحدودي مع تركيا، وسط أوضاع إنسانية صعبة تعيشها المنطقة من التصاعد الكبير في أعداد النازحين ووجهتهم.

ولم تتوقف تداعيات التدخل التركي عند حد النزوح، بل تسبب في سقوط عدد من القتلى دون تفريق لمن هو مدني ومن هو غير مدني، فقد بلغ عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا منذ انطلاق العملية العسكرية التركية 146 قتيلاً بينهم 7 سيدات و4 أطفال، فيما بلغ تعداد القتلى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والمجالس العسكرية وقوى الأمن الداخلي جراء قصف جوي وبري تركي واشتباكات مع القوات التركية والفصائل الموالية لها منذ بدء العملية العسكرية التركية أكثر من 510، إضافة إلى مقتل 28 عناصر من قوات النظام وإصابة آخرين جراء استهداف صاروخي نفذته القوات التركية والفصائل الموالية لها على محاور شمال غرب منبج وشرق بلدة عين عيسى في مواقع انتشار قوات النظام.

انتهاكات واسعة

وذكر”المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن المناطق التي خضعت لسيطرة فصائل “نبع السلام” شهدت انتهاكات واسعة، بداية من سرقة المنازل مروراً باختطاف المواطنين لطلب مبالغ مالية للإفراج عنهم وصولاً إلى ارتكاب أبشع أنواع التعذيب بحق السوريين بحجة التعامل مع الإدارة الذاتية التي كانت تحكم المنطقة سابقا. وفي الخامس والعشرين من سبتمبر، عملت شاحنات تابعة للفصائل الموالية لتركيا على نقل المواد المسروقة من منازل الأهالي كالحطب ومواد علفية في قرى ريحانة وقاسمية وقاسمية أزيزا وقاسمية شرابيين وقاسمية سمعيلة إلى مدينة رأس العين.

وإلى جانب سرقة متعلقات المواطنين وممتلكاتهم، شنت فصائل ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” حملات مداهمة واعتقالات في قرى أسدية وأسدية شرقية وسفح وسلام عليك وتل خنزير ودهماء ضمن مناطق “نبع السلام”، وعمدت الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة إلى مداهمة المنازل في قرية قاطوف في ريف رأس العين “سري كانييه” الجنوبي بريف الحسكة، واعتقال العائلات والشباب بتهمة التعامل والتخابر مع “قسد”.

وتواصل الفصائل الموالية لتركيا فرض إتاوات على المواطنين المارين على حواجزها، تصل إلى 3 آلاف ليرة سورية، على السيارات والدراجات النارية المارة من والى مدينة رأس العين. كما تهدد الفصائل المارة باستهدافهم بالرصاص الحي وسجنهم بتهمة التعامل مع قسد، لإجبارهم على “الجزية”.

وفي محاولة للضغط على السكان، تعمدت القوات التركية إيقاف محطة “علوك” التي تغذي مدينة الحسكة عن العمل لأكثر من 25 يوماً، ما تسبب في استياء شعبي واسع بسبب انقطاع مياه الشرب عنها لإجبار السكان على التعامل مع تركيا كسلطة حاكمة في المنطقة المحتله من فيل فصائلها المسلحة.

تغيير ديمغرافي
النظام التركي يواصل عملية “التغيير الديمغرافي” ضمن المناطق التي بسط سيطرته عليها شمال سوريا حيث جرى توطين عدد كبير في مدينة رأس العين “سري كانييه”، غالبيتهم من محافظة إدلب.

وفي إطار التغيير الديمغرافي أيضاً، تواصل الفصائل الموالية لأنقرة مساعيها لإجبار من بقي في المناطق التي سيطروا عليها في الشمال السوري للرحيل وعدم السماح لأهالي المناطق بالعودة.

وذكرت مصادر محلية للشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه يتم نقل عدد من سكان الشمال السوري إلى مدينتي “تل أبيض” و”رأس العين” اللتان خضعتا لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها ضمن عملية “نبع السلام” العسكرية التركية بهدف إظهار نجاح الحملة التركية وتحسين صورتها امام المجتمع الدولي بأنها تسعى للحفاظ على حقوق الإنسان .

تنازع السلطات
على مدار الأشهر القليلة الماضية، تفاقمت الخلافات الداخلية بين فصائل نبع السلام ما تسبب في حالة اقتتال داخلية بين تلك الفصائل، كان آخرها اشتباكات داخل مدينة رأس العين بين الفصائل الموالية لتركيا، بسبب خلافها على تعيين مدير معبر رأس العين، ما أدى إلى وقوع 3 قتلى و5 جرحى من الطرفين.

لم تكن الانتهاكات التي جرت على مدار عام كامل لتصبح ممكنة لولا تغاضي المجتمع الدولي عن الانتهاكات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها، بداية من غض الطرف عن العملية العسكرية التركية والانتظار عدة أيام حتى بدء مفاوضات الوساطة لوقف إطلاق النار، مروراً بالصمت على الانتهاكات اليومية التي تجري بحق المواطنين، ووصولا إلى الاعتداءات والاقتتال الداخلي والفشل الإداري للمناطق التي خضعت لسيطرة ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري”.

ويبقى على المجتمع الدولي أن يتحمل العبء الأخلاقي لوقف الانتهاكات التركية والفظائع التي ترتكبها الفصائل الموالية لتركيا تحت مرأى ومسمع السلطات التركية، التي بدا واضحاً أنها تتغاضى بل وتوجه بتنفيذ تلك الانتهاكات بهدف إجبار من تبقى من السكان على الرحيل، لاستكمال عملية التغيير الديمغرافي التي تسعى تركيا لإنهائها سريعاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!