عاجلمجتمع مدنى

ثلاثة أشهر حاسمة فى تغيير الأوضاع العالمية

ثلاثة أشهر حاسمة فى تغيير الأوضاع العالمية

ثلاثة أشهر حاسمة فى تغيير الأوضاع العالمية
ثلاثة أشهر حاسمة فى تغيير الأوضاع العالمية

كتب: وراء الاحداث

تعتبر الأشهر الثلاثة المقبلة حاسمة فى تغيير العديد من الأوضاع فى مختلف دول العالم، حيث ستصدر فيها قرارات مهمة، سيتغير بها العديد من الأوضاع على المستوى السياسى والعسكرى والاقتصادى، ليس على مستوى أوروبا وأمريكا فقط، بل على مستوى العالم كله.

ففى البداية تأتى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى التى ستجرى فى الثامن من نوفمبر المقبل، وفيها يعاد انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 عضوا مقابل ثلثى أعضاء مجلس الشيوخ، أى 35 مقعدا من أصل 100، كما تشمل الانتخابات مناصب 39 حاكم ولاية.

وتشهد هذه الانتخابات صراعا على أشده بين الحزبين الرئيسيين: الجمهورى والديمقراطى، حيث يسعى الجمهوريون للسيطرة على مجلس الشيوخ والعودة للسيطرة على مجلس النواب بعد غياب. بينما يسعى الديمقراطيون للحفاظ على سيطرتهم على مجلس النواب وتحقيق السيادة المطلقة على مجلس الشيوخ، لتمرير جميع مشروعات وقوانين الرئيس جو بايدن.

كما أن نتائج هذه الانتخابات قد تكون مؤشرا على انتخابات الرئاسة القادمة بعد سنتين، حيث يطمع جو بايدن فى أن ينال فترة رئاسية ثانية فى الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإن الإدارة الأمريكية حريصة على اتخاذ القرارات فى هذه الفترة، قبل الانتخابات، بحساسية شديدة، حتى لا تؤثر على قرار الناخب الأمريكى.

ولعل أول هذه الموضوعات هو توقيع الاتفاق النووى الإيرانى، الذى قد تعمل أمريكا على تأجيله لحين انتهاء الانتخابات، لأن هناك العديد من أعضاء الحزبين غير موافقين على هذا الاتفاق. وعلى الطرف الآخر فإن تأجيل توقيع هذا الاتفاق النووى قد يعطى إيران فرصة لتسريع إنتاج معدل عال لتخصيب اليورانيوم، وبالتالى الحصول على السلاح النووى.

.. وهو الأمر الذى سيزعج الجانب الإسرائيلى غير الموافق أيضا على بنود الاتفاق الحالى. خاصةً أن إيران ترفض التنقيب من قبل وكالة الطاقة الدولية الذرية فى ثلاث مناطق داخل إيران، تم العثور فيها على آثار يورانيوم مخصب، وهذا يعنى أن إيران تعمل فى اتجاهات غير مسيطر عليها من الوكالة الدولية.

ويأتى موضوع حرب الغاز الجديد، بين روسيا وأمريكا والدول الأوروبية، بعد أن دخلت الحرب الروسية الأوكرانية شهرها السابع، وبدأت روسيا فى تغيير استراتيجيتها، وهى إطالة زمن الحرب حتى دخول الشتاء القادم، حيث تظهر احتياجات أوروبا للغاز لتدفئة المواطن الأوروبى، وهكذا ستصبح الأشهر الثلاثة القادمة حتى وصول الشتاء أداة ضغط من روسيا على الدول الأوروبية.

وازدادت الأمور اشتعالا بقرار مجموعة السبع الصناعية الكبرى التى وجهت ضربة لصادرات النفط الروسية بفرض سقف لسعر البترول الروسى بهدف حرمان موسكو من أحد أهم مواردها من قطاع الطاقة والحد من قدرتها على تمويل الحرب على أوكرانيا. وأفاد القرار بأن سقف سعر الغاز الروسى، سيتم تحديده عند مستوى يستند على سلسلة من البيانات الفنية. هذا القرار اتخذته الدول الصناعية السبع من خلال قمة عبر الإنترنت لدول الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا وكندا واليابان.

وفور صدور القرار أعلنت روسيا أن شركة جازبروم سوف توقف ضخ الغاز الطبيعى الروسى عبر خط نوردستريم «1»، وعللت التوقف لأسباب فنية تستدعى صيانة عاجلة. كذلك أعلن الكرملين أن روسيا لن تبيع النفط للدول التى ستفرض سقفا سعريا للغاز.

وهكذا بدأت حرب الغاز الجديدة بين روسيا والغرب. وردا على الإجراءات الروسية أعلنت وزارة الاقتصاد الألمانية أن لديها مخزونا من الغاز يتجاوز 80% من احتياجات الشتاء المقبل. وعلى الطرف الآخر أعلنت فرنسا التزامها تشغيل 65 مفاعلا نوويا خلال الشتاء القادم لتعويض نقص الغاز الروسى.

ويرى المحللون أن إيقاف روسيا ضخ الغاز عبر خط نوردستريم «1» سيقلل من المعروض فى السوق العالمية، مما سيرفع أسعار النفط فى الفترة القادمة، وبالتالى سوف يزيد ذلك من الأعباء الاقتصادية والتضخم ليس فقط فى الدول الأوروبية، ولكن لباقى دول العالم.

وفى حالة رغبة الدول الأوروبية فى الاعتماد على استيراد الغاز الطبيعى المسال من الخارج، فإنه من الصعب تنفيذه هذا الشتاء لأنه يحتاج إلى مصانع إعادة الإسالة، وهو الأمر غير الموجود حاليا فى كل الدول الأوروبية التى كانت تعتمد على استيراد الغاز الطبيعى عبر الأنابيب من روسيا. وفى حالة التفكير فى اتباع هذا الأسلوب سوف يستغرق تنفيذه أكثر من عام بعد إنشاء محطات الإسالة.

ويأتى السؤال هنا: هل سيتقبل المواطن الأوروبى إجراءات التقشف التى ستجريها الحكومات الأوروبية فى الشتاء القادم، خاصة أن الحكومات الأوروبية حتى الآن مازالت متحدة ضد موسكو؟ لكن هناك بدأت بعض العناصر من الشعوب الأوروبية تتساءل: إلى متى سوف نتحمل سيطرة الولايات المتحدة على سياسات الدول الأوروبية ونحن الشعوب ندفع الثمن.

ولقد كانت أولى بوادر التحرك الشعبى هى المظاهرات الحاشدة فى براغ عاصمة التشيك، والتى طالبت الدولة بالتحرر من التبعية لحلف الناتو والاتحاد الأوروبى، والتى رفع فيها المتظاهرون شعار (تشيكيا فى المقام الأول)، رفضا لاهتمام بلادهم بتقديم المساعدة لأوكرانيا، والتعرض للعقوبات بسببها.

ويعتقد البعض أن تلك هى البداية، وبعدها ستتحرك شعوب كثيرة رافضة السير فى ركاب الاتحاد الأوروبى، ومعاداة روسيا، وفقد الغاز الروسى فى الشتاء القادم. خصوصا أن حزم العقوبات الاقتصادية التى فرضتها الدول الأوروبية مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية ضد موسكو لم تنجح فى إجبار روسيا على إيقاف الحرب والدخول فى مفاوضات لتحقيق السلام فى المنطقة.

ولقد أثار استياء الشعوب الأوروبية قيام روسيا مؤخرا بحرق الغاز المنتج من الحقول الروسية، بدلا من تصديره إلى دول أوروبا. وتأتى مشكلة الصين وتايوان أيضا على رأس الاعتبارات التى تضعها الولايات المتحدة، لعدم إثارتها بقدر الإمكان. خلال الشهور القادمة أيضا لحين انتهاء الانتخابات الأمريكية، وبعدها يمكن أن تتفرغ لحل هذه المشكلة، خاصة الصين التى تتقدم اقتصاديا بسرعة كبيرة خلف الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبحت الآن من وجهة نظرى العدو الأول لأمريكا، لذلك فإن التعامل معها بجدية، من وجهة النظر الأمريكية أيضا، سيتحدد بعد الانتهاء من الانتخابات الأمريكية القادمة.

من ذلك كله يتضح لنا أن الثلاثة أشهر المقبلة سوف يكون لها تأثير كبير على مجريات الأمور على مستوى العالم كله، خاصةً فى المجال الاقتصادى، وبالطبع السياسى والعسكرى. ومن هنا، دعونا ننتظر الانتخابات الأمريكية مع بوادر الشتاء القادم، وما سيشهده العالم من تغييرات رئيسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!