أخبار عربية ودوليةعاجل

صفقة الديون الأمريكية تُنذر بكارثة على الصعيد الدفاعي

على عتبة "الدولة الجنوبية" ... صراع السودان ينذر بخطر المجاعة

صفقة الديون الأمريكية تُنذر بكارثة على الصعيد الدفاعي

صفقة الديون الأمريكية تُنذر بكارثة على الصعيد الدفاعي
صفقة الديون الأمريكية تُنذر بكارثة على الصعيد الدفاعي

كتب : وكالات الانباء

ترى صحيفة “وول ستريت جورنال” في افتتاحيتها، أنه على الرغم من إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون سقف الديون مساء الخميس بأغلبية 63 صوتاً، إلا أن هناك مشكلة مهمة تتعلق بالإنفاق العسكري يحتاج المجلس إلى معالجتها.

نجح الجمهوريون في خفض الإنفاق التقديري المحلي، لكن الثمن السياسي كان الموافقة على طلب ميزانية دفاع الرئيس جو بايدن البالغ 886 مليار دولار لعام 2024 و895 مليار دولار في عام 2025. وتشير الصحيفة إلى أن هذه زيادة شكلية بنسبة 3% في 2024، وهي على الأقل تكسر طلب الحزب الديمقراطي منذ فترة طويلة بأن يقابل كل دولار دفاعي دولاراً واحداً من أجل الرفاهية الاجتماعية مقارنة مع الصيني. 

لكن الصحيفة ترى في رقم بايدن أنه خفض حقيقي في الدفاع بعد التضخم، ما يعني أن الإنفاق الأمريكي على الجيش قد ينخفض إلى أقل من 3% من الاقتصاد للمرة الأولى منذ ذروة السلام بعد الحرب الباردة في أواخر 1990.

ولا أحد يعتقد أن العالم اليوم أكثر هدوءاً مما كان عليه في 1999، كما تشير الصحيفة، إذ يحاكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأول حرب برية أوروبية منذ 80 عاماً، بينما تقلص ميزانية بايدن البحرية الأمريكية إلى 286 سفينة بحلول 2025، مع صعود الصين إلى أسطول قوامه 400 جندي مصمم لإخضاع تايوان.

وأشار السناتور دان سوليفان من ألاسكا إلى أن مسؤولي المخابرات الأمريكية قدروا مؤخراً ميزانية الدفاع الحقيقية للصين بمبلغ 700 مليار دولار، وهو أكبر بكثير من الإحصاءات “الزائفة” التي وضعها الحزب الشيوعي. وهذا يعني أن الولايات المتحدة لم تعد الممول الوحيد للقوة العسكرية في العالم، حسب الصحيفة.

الاستعداد للحرب

أما السناتور روجر ويكر، فيقول إنه “قد يكون أمام الولايات المتحدة 36 إلى 48 شهراً للاستعداد، عندما يعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه يريد أن يكون مستعداً لحرب ضد الولايات المتحدة، حرب للسيطرة على جزيرة تايوان، ويمكن لبكين أن تضرب القوات الأمريكية في غوام أو اليابان خشية أن تتدخل لوقف هجوم على الجزيرة“.

وتقول الصحيفة إنه لا يمكن للجمهوريين إلا أن يتوقعوا الكثير في الحكومة المنقسمة، لكن الكونغرس أضاف عشرات المليارات إلى طلبات بايدن الدفاعية على مدار العامين الماضيين، بينما أشار السناتور توم كوتون من أركنساس إلى أن الفرق بين صفقة الميزانية والنمو السنوي الحقيقي بنسبة 5% الذي يحتاجه البنتاغون هو المعادل التقريبي لأربع حاملات طائرات من فئة فورد أو 90.000 من صواريخ ستينغر التي ساعدت أوكرانيا ضد روسيا.

ويتضمن مشروع قانون الديون خفضاً تلقائياً في الإنفاق إذا فشل الكونغرس في تمرير فواتير الإنفاق البالغ عددها 12. ومن المفترض أن يجبر هذا الكونغرس على القيام بعمله ويمنع مشروع قانون ضخم شامل، إلا أن كوتون محق في التحذير من أن الديمقراطيين قد يحتجزون البنتاغون كرهينة “للابتزاز على مستويات أعلى من الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، قائلا: “الخطر هو العودة إلى سياسة العزل لعام 2011 التي دمرت الاستعداد العسكري”.

حلول

وترى الصحيفة أنه يمكن للكونغرس تحسين هذا الوضع من خلال تحديد أولويات ميزانية بايدن “السيئة” مثل تقاعد مئات الطائرات دون استبدال، كما ثمة خيار آخر هو تخصيص اعتمادات إضافية لأوكرانيا تعيد بناء المخزونات الأمريكية من الذخيرة والصواريخ في عقود متعددة السنوات.

ويمكن للكونجرس أيضاً تمرير اعتماد خاص لتايوان، حيث لا يزال من الممكن منع الحرب، بينما تنتظر الجزيرة الأسلحة التي اشترتها بالفعل، مثل صواريخ هاربون المضادة للسفن، وقد يشمل ذلك أموالاً لغواصات البحرية الأمريكية أو زيادة في الأسلحة المضادة للسفن.

وتلفت الصحيفة إلى أن النقد العادل هو أن البنتاغون يمكن أن ينفق أمواله بشكل أفضل، إذ يعمل النائب الجمهوري كين كالفرت على إصلاح الخدمة المدنية الذي يمكن أن يوفر المليارات، بالإضافة إلى ترشيد الرعاية الصحية العسكرية غير الفعالة.

جيش ضعيف

ويمكن للكونغرس كسر الثقافة القائلة بأن متاجر البقالة التابعة لوزارة الدفاع أو تأجير الزوارق المدعومة على القواعد “لا يمكن انتهاكها”. لكن هذه المشاريع لا توفر المال إلا بمرور الوقت، ولا يمكن للإصلاح التغلب على قوة بحرية تقارب نصف حجم أسطول الحرب الباردة.

وتضيف الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه قد يكون أسوأ جزء من صفقة الديون هو الرسالة التي ترسلها إلى المستثمرين، إذ تعلم الأمريكيون مؤخراً أن القاعدة الصناعية الدفاعية هشة، وليست مستعدة لزيادة الأسلحة للطوارئ مثل الحرب في أوكرانيا، لذا لن تستثمر الشركات في توسيع أحواض بناء السفن، على سبيل المثال، عندما تعلن واشنطن أن الإنفاق الدفاعي آخذ في الانخفاض.

وتختتم “قاد المتحدث كيفن مكارثي أفضل صفقة ممكنة مع بايدن، والصفقة أفضل من التخلف عن السداد. لكن خط المتحدث بأن الصفقة تمول الدفاع الوطني بالكامل خاطئ، ويجعل من الصعب إخبار الأمريكيين بالحقيقة، وهي أن الولايات المتحدة تنجرف إلى فترة خطيرة مع جيش ضعيف”.

على عتبة “الدولة الجنوبية”

على صعيد اخر لم تعد استعادة الدولة الجنوبية فكرة، بل هي واقع حاضر. وباتت الدولة تكاد تكون حقيقة وليس هنا استدعاء لتاريخ بمقدار ما يعتبر محاولةً أولى في التعايش مع هذه الدولة وما يجب أن تكون عليه.
وبإعلان الميثاق الوطني في الثامن من مايو 2023 وضعت الخطوط العامة ومنها شكل الدولة السياسي وهي محددات أساسية انتهت إليها لجان الحوار، وعليه فإن ما يجب أن يتداول بداية مفهوم الدولة المدنية التي يريدها الشعب الجنوبي باعتباره المعنِي الأول بهذا الحق الذي ناضل من أجله طويلاً. الجنوبيون لهم تجربة سياسية فريدة بعد الاستقلال الأول في 1967، فلقد أسسوا نظاماً حاكماً فريداً في المنطقة العربية بإقامة نظام سياسي مدني مستند على قيّم المواطنة.
والتكوين السياسي الذي اعتمد على نهج علماني صِرف كانت معضلته أنه اتجه إلى استنساخ التجربة الاشتراكية بالمطلق، وحاول إسقاطها على مجتمع محافظ دون استيعاب خصوصيته. ورغم أن اليمن الجنوبي لم يكن البلد العربي الوحيد الذي استنسخ النظام الاشتراكي، فقد كانت مصر وسوريا وليبيا من هذه البلاد غير اليمن الجنوبية تطرفت في انتهاجها الأفكار الماركسية. التصادم حدث مبكراً مع اليمن الجنوبي وعلى إثرها اندلعت حرب الوديعة.
والحرب الباردة الأولى كذلك ألقت بظلالها حتى وصلت إلى سقوط الاتحاد السوفييتي، الذي شهد معه دخول اليمن الجنوبية مع الجمهورية العربية اليمنية في اتحاد سياسي عام 1990. توصلت القوى السياسية للجنوب إلى ميثاق وطني جاء في أحد أبرز بنوده النص: (دولة الجنوب تُبنى على أساس الدولة الفيدرالية الديمقراطية المدنية العربية الإسلامية)، هذا التعريف، وإنْ كان فضفاضاً غير أنه هذه المرة يحاول التماشي مع واقع المنطقة العربية، التي تخففت من عباءة الرجعية وتلبست بشيء من المدنية على الأقل في مظهرها العام، دون المساس بعمق الدولة وتكوينها، محصلة الحال أن الجنوبيين يحاولون التماهي مع محيطهم الإقليمي بدلاً من التصادم معه.
سيبرر واضعو الميثاق الجنوبي بأنهم استفادوا من دروس التاريخ، وأخذوا العبرة، فلن يغامروا كما غامر آباؤهم بمصادمة محيطهم، ولكن هنا يأتي تساؤل إن كان الجنوبيون قد نظروا إلى أنفسهم كما نظروا لمحيطهم الذي بدوره بات أقرب إلى ما كانوا عليه في ستينيات القرن العشرين.
فلم يعد الإقليم رجعياً، ولم تعد الشيوعية خصماً لدوداً، تغيرت الأزمنة وتطورات النظم السياسية فهذه من مسلمات الحال، ولذلك يلح السؤال إنْ كان الجنوبيون قد نظروا إلى ما نالهم من تغيير كما نال غيرهم؟ اعترى الجنوب متغيرات منذ  1990 فلقد تمددت التيارات ذات النزعة الدينية المتطرفة كما تمددت الأفكار القبلية بعاداتها القديمة، متغيرات حقيقية أصابت الجنوبيين وأحدثت تجريفاً مهولاً في القيمّ.
فالأجيال التي استفادت من التعليم إبان الاستعمار البريطاني في عدن والسلطنة «القعيطية» في الساحل الحضرمي بلغت من الكِبر عتيّا، كما أن جيل الاستقلال الأول، الذي استفاد من المنح التعليمية المجانية للدول الشرقية مصاب بالإرهاق والنصب بعد عقود شاقة للخلاص من دوامة اليمننة.
جيل الاستقلال الثاني تعرض لأبشع ما يمكن من حملات التجهيل فهو مرتهن بين خطاب ديني مشبّع بالكراهية وآخر قبلي مشدود للعصبية، هذه حقيقة الحال مع بلوغ عتبة الاستقلال الوطني، وحتى مع ما يمثله هذا الواقع فإن المأمول أن تتعامل القيادة السياسية باقتدار فلا يمكن التصحيح إلا من أعلى سلطة سياسية التي عليها وضع الإسهام بوضع دستور وطني يضمن حق المواطنة ويرفع من سلطة القانون دون اعتبار لتلك الآراء المستوردة من جهات قد كفرت بما صدرته للعالم وها هي تقيم مواسم الحفلات الصاخبة وتحتفي بالشيوعي الأخير.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!