عاجلمجتمع مدنى

شيخ الأزهر: «الوجود» أول صفة من الصفات الإلهية الذاتية

الإمام الأكبر: منطق الأخوة يقتضي الرحمة بين العباد

شيخ الأزهر: «الوجود» أول صفة من الصفات الإلهية الذاتية

شيخ الأزهر: «الوجود» أول صفة من الصفات الإلهية الذاتية
شيخ الأزهر: «الوجود» أول صفة من الصفات الإلهية الذاتية

كتب: وراء الاحداث

قال فضيلة الإمام أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن اسمي “الملك القدوس” من الأسماء الحسنى لله تعالى التي وردت في القرآن الكريم في أواخر سورة الحشر، وفي السنة النبوية، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إن لله تِسْعَةً، وتِسْعِينَ، اسْمًا، مِائَةً إلا واحدا مَنْ أَحْصَاهَا دخل الجنة”، إضافة إلى ما أجمع عليه المسلمون قديمًا وحديثًا، موضحًا أن المَلك سبحانه وتعالى هو الملك المطلق الحقيقي المأخوذ من المِلك، وهو المستغني عن غيره في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، ولا يحتاج لغيره أبدا.

وبين فضيلة الإمام الأكبر، خلال الحلقة السادسة من برنامجه الرمضاني “الإمام الطيب“، المذاع على قناة الحياة، أن “المِلك” ينقسم إلى مِلكين؛ مِلك مطلق ومِلك مقيد، لآفتًا إلى أن المِلك المطلق هو الذي يستغني عن غيره في كل شيء، ولا يحتاج في ذاته إلى غيره، موضحًا أن أول صفة من الصفات الإلهية هي الصفة الذاتية أو النفسية وهي “الوجود”، مبينًا أن الوجود الإلهي يختلف عن الوجود الإنساني وعن باقي المخلوقات، ولذلك يسمون الله واجب الوجود ويسمون الباقي “إنسان حيوان نبات” ممكن الوجود؛ ممكن أن يوجد وممكن أن يستمر في العدم، مشيرًا إلى  أنه استوى الوجود والعدم بالنسبة لشيء فوجوده ليس من ذاته وهو محتاج إلى من يعطيه الوجود؛ لكن الله سبحانه وتعالى مستغنٍ في ذاته، ووجوده دائمًا من ذاته لا يحتاج لأحد لكي يعطيه الوجود.

وأشار شيخ الأزهر إلى أن “المَلك الحقيقي” هو الذي يستغني عن الغير  سواء في ذاته أو في صفاته أو في أفعاله، وهذا لا يكفي لكي يسمى الملك المطلق؛ إنما يضاف إليه جزء آخر متمم وهو “ويحتاج إليه غيره”، أما المَلك المطلق هو الذي يستغني عن غيره في كل شيء، ويحتاج إليه غيره، وهكذا المِلك المطلق هو عدم الاحتياج إلى الغير واحتياج الغير إليه، أما المِلك المقيد فهو الذي يملك أشياء ولا يملك أشياء أخرى لأنه مقيد وهذا ما يمكن أن نسميه ملك مجازًا، موضحًا أن هناك ما يطلق عليه اسم الملك من العباد، فقد  تحرر من سلطة الأشياء والأشخاص والهوى ومن جميع الأمور المادية،  فهو يملك قلبه وقالبه، فالخواطر السيئة لا تخطر على باله أبدًا، ويملك القالب وهو الجسم فيحفظ أعضائه حفظً كاملًا، وهؤلاء مؤيدون بعصمة الله سبحانه وتعالى وهذه خصيصة للأنبياء والرسل ومن ورثهم  من الأولياء والعلماء الصالحين.

قال فضيلة الإمام الأكبر إن الرحمة بالنسبة للإنسان هي حالة من الشفقة والرقة القلبية تدفعه على أن يساعد غيره ويقف إلى جواره ويستمر معه إلى أن تقضى حاجته التي تنهي حالة الرقة وحالة الشفقة عند هذا الرحيم من البشر،موضحا أن رحمة العبد بغيره تصاحبها حالة من الآلام ،بحيث يتأثر بالمشكلة أو بالحاجة التي نزلت بهذا الشخص أو ما يسمى بالمرحوم، فهناك عبد راحم وعبد مرحوم تنزل به مصيبة أو حاجة تضطره إلى أن يستعين بغيره، هذا الذي يستعين به يجد في نفسه رقة قلبية مصحوبة بألم، أو تأثر على هذا الشخص الآخر.

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر، خلال الحلقة الخامسة من برنامجه الرمضاني “الإمام الطيب”، أن الرحمة بهذا المعنى لايمكن أن نقول بأنها صفة من صفات الله تعالى، لحدوث حالة من الرقة لم تكن موجودة قبل ذلك ، ثم زالت تلك الحالة بعد أن قٌضيت الحاجة، ، فهي مرتبطة بحالة تحدث ثم تزول ، كما أنها مرتبطة بشعور الألم وشعور التأثر، وهذه الأمور يستحيل على الله تعالى أن يتصف بها، حيث أن من صفات الله سبحانه وتعالى أنه منزه عن كل صفة من صفات العباد أو المخلوقات أو الموجودات، لأن كل صفات الحوادث صفات وإن كانت كاملة من جانب فهي ناقصة من جانب آخر، وبالتالي يستحيل أن يتصف الله تعالى بها، لأن من صفاته أنه متصف بالكمالات منزه عن النقائص، لا يتشبه ،فالله سبحانه وتعالى رحيم ورحمن بالعباد، لا يلحقه الألم أو لا يزول بعد أن تقضى هذه الحاجة .

 

وأضاف فضيلة الإمام أن العلماء أكدوا أنه لا توجد رحمة من البشر لغيرهم دون مقابل، فلا يمكن أن تكون مجردة كما هي عند الله تعالى، فحين يشعر العبد بألم الآخر أو بمشكلة الآخرين ويرحم هذا العبد ويبدأ في مساعدته ويشعر بالألم ، فهو أيضا يتطلع إلى أن يوقف الألم المصاحب عنده والمترتب على تألم الآخر فكأنه يقضي حاجة الآخر في مقابل أن يوقف الألم الذي يشعر به هو نفسه، فهنا مقايضة، كأنه يدفع شيئا في مقابل الشيء ، بينما الله سبحانه وتعالى لا ينطبق عليه أو لا يتصف بهذا لأنه يرحم دون مقابل ، ودون دفع أي شيء .

وأوضح فضيلة الإمام الأكبر أن اسم “الرحمن” لا ينطبق على العبد، ولكنه يستطيع أن يكون له نصيب من هذا الاسم في أنه يكون راحما يبسط رحمته على الناس، ويستشعر بينه وبينهم نوع من الأخوة والصلة المستمرة، بحيث لا يتوقف ذلك عند المؤمنين فقط، بل يوسع دائرة الرحمة والتآخي والشفقة والصلة بينه وبين الناس، مستشهداً بقوله تعالى، “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، فالتعارف هنا تبادل المنافع والصلات، وما جاء في الحديث النبوي الصحيح ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب صلاته ” اللهم ربنا ورب كل شيء ، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة ” ، موضحا أن كلمة العباد تشمل المؤمنين والكافرين والأعداء وغيرهم، بما يؤكد أن منطق الأخوة ومعناها يقتضي الرحمة بين العباد، وبخاصة الفقراء والمرضى ، بمعنى إن كان مثلا ذا مال يواسي بالمال ، وإن كان ذا جاه يواسي بالجاه ، وهكذا بالعلم أو بالطب أو غيره ،فالكل يرحم الآخر بما عنده .

 

وكشف فضيلة الإمام الأكبر أن الإنسان ينبغي أن يكون رحيما حتى بالعصاة، من خلال أن يعلم أو يتدبر في أن المعصية تساوي المرض ، وأن العصاة مرضى بهذا المرض ، وأن موقف الإنسان الرحيم من المريض ومن المرضى هو موقف العلاج والرحمة ، وليس التشفي أو التبكيت أو اللوم والعنف ، مستنكرا الصياح الذي يحدث من بعض الدعاة في لوم العصاة وفي تقريعهم، مؤكدا أن واجب الداعية أن يحمد الله سبحانه وتعالى أن عافاه من مرض المعصية، وأن يجتهد ليعالج العصاة من هذه المعاصي وكأنها أمراض تعالج وتداوى، وليس كأخطاء تستحق التبكيت واللوم والتعنيف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!