أخبار مصرعاجل

خطبة الجمعة بالجامع الازهر الاسلام دين التكافل وينهَي عن الشحِّ ولا يقبلُ اللهُ إلّا طيبًا

التكافل المجتمعى يؤدِّي إلي تلاحمِ المجتمعِ وترابطهِ وتحقيقِ الألفةِ بينَ أفرادِه، فالبرُ  يُوصِلُ إلَى الْقُلُوبِ ونادى رب العزة فَقَالَ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:

خطبة الجمعة بالجامع الازهر الاسلام دين التكافل وينهَي عن الشحِّ ولا يقبلُ اللهُ إلّا طيبًا

خطبة الجمعة الشيخ احمد الدهشان خطيب الجامع الازهر الاسلام دين التكافل وينهَي عن الشحِّ ولا يقبلُ اللهُ إلّا طيبًا
خطبة الجمعة الشيخ احمد الدهشان خطيب الجامع الازهر الاسلام دين التكافل وينهَي عن الشحِّ ولا يقبلُ اللهُ إلّا طيبًا

كتب : وراء الاحداث 

كانت خطبة يوم الجمعة 17 مارس بالجامع الازهر اخر جمعة فى شهر شعبان ونحن على مشارف استقبال شهر رمضان المعظم عن التكافل المجمعى فى الاسلام زأثره على المجتمع .

1ــ الإسلامُ دينُ التكافلِ

يدعُوا الإسلامُ إلي إقامةِ مجتمعٍ فاضلٍ تتعاونُ فيهِ أفرادُهُ وهيئاتُهُ ومؤسساتُهُ على فعلِ الخيرِ، وما يُؤدِّي إلى قوامِ المجتمعِ وصالحِهِ، وتركِ الشرِّ، وما يُؤدِّي إلى هَزِّ كيانِ المجتمعِ وتصدعهِ وفي القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المطهرةِ نصوصٌ كثيرةٌ ترشدُ إلى تقريرِ مبدأٍ في المجتمعِ قالَ تعالَي: (‌وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ) [المائدة: 2]

يَأْمُرُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُعَاوَنَةِ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ وَهُوَ الْبَرُّ، وَتَرْكِ الْمُنْكِرَاتِ وَهُوَ التَّقْوَى وَيَنْهَاهُمْ عَنِ التَّنَاصُرِ عَلَى الْبَاطِلِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ، قال ﷺ «‌عَلَيْكُمْ ‌بِالتَّوَاصُلِ، وَالتَّبَاذُلِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّقَاطُعَ، وَالتَّدَابُرَ، وَالتَّفُرَّقَ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» «المعجم الكبير للطبراني» (1/ 102).

وبالتكافلِ الاجتماعِي يشعرُ كلُّ واحدٍ في المجتمعِ أنَّ عليهِ واجباتٍ لهذَا المجتمعِ يجبُ عليهِ أداؤهَا؛ لأنَّه إنْ قصَّرَ في الآداءِ أدَّي إلي انهيارِ المجتمعِ، قال تعالي (‌لَّيۡسَ ‌ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ) [البقرة: 177]

اشتملتْ هذه الآيةُ عَلَى جُمَلٍ عَظِيمَةٍ وَقَوَاعِدَ عَمِيمَةٍ، وَعَقِيدَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ فالبرُّ هو التوسعُ في فعلِ الخيراتِ، وإسداءُ المعروفِ للناسِ، فالآيةُ تبيِّنُ أنَّ البرَّ هو الإيمانُ وما يتبعهُ مِن أعمالٍ صالحةٍ، عن أَبَي أُمَامَةَ، يَقُولُ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ  ﷺ (مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ: إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ فَإِنَّكَ مُؤْمِنٌ)، وعَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ)، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ النَّاسُ غَادِيَانِ: بَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُوبِقُهَا، وَمُفَادِيهَا فَمُعْتِقُهَا، الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالسَّكِينَةُ مَغْنَمٌ وَتَرْكُهَا مَغْرَمٌ ” ) فالصدقةُ برهانٌ علي الإيمانِ.

وقالَ ابنُ بطال: المعاونةُ في أمورِ الآخرةِ، وكذا في الأمورِ المباحةِ مِن الدنيا مندوبٌ إليهَا، وقد ثبتَ حديثُ أبي هريرةَ ” واللهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ.

وجاءَ الإسلامُ ليرسخَ مبدأَ الإخاءِ والمودةِ والتكافلِ، فالقويُّ يتكفلُ بالضعيفِ، والغنيُّ يتكفلُ بالفقيرِ، والقادرُ يعينُ غيرَ القادرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ : فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا ، فَقَالَ : رَسُولُ اللهِ ﷺ : مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ . قَالَ : فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ(صحيح مسلم 1728).

وبيَّنَ اللهُ سبحانَهُ وتعالَي عظيمَ الجزاءِ الذي ينتظرُ المنفق في سبيلِ اللهِ تعالي إذا قُصِدَ بهذا العطاءِ وجهَ اللهِ تعالي، قال جلَّ جلاله: (‌ٱلَّذِينَ ‌يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا يُتۡبِعُونَ مَآ أَنفَقُواْ مَنّٗا وَلَآ أَذٗى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ) [البقرة: 262]،  واعلمْ بأنَّ الصدقةَ تقعُ في يدِ اللهِ قبلَ أنْ تقعَ في يدِ الفقيرِ والمحتاجِ،  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ : يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي.

2ـ الإسلامُ ينهَي عن الشحِّ، ولا يقبلُ اللهُ إلّا طيبًا.

أخي المسلم، حينمَا تحدثَ اللهُ عن الصدقةِ لم يقلْ مَن أعطَي المسكينَ فلهُ كذَا مِن الأجرِ  ولكنْ جعلَ هذا قرضًا مباركًا، يخلفُ اللهُ علي صاحبهِ الخيرَ الجزيلَ، ويزيدُ في مالهِ ويباركُ له، ولا ينقصُ هذا المالُ بل يزدادُ بركةً وخيرًا، قالَ تعالَي (مَّن ذَا ٱلَّذِي ‌يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥٓ أَضۡعَافٗا كَثِيرَةٗۚ وَٱللَّهُ يَقۡبِضُ وَيَبۡصُۜطُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ) [البقرة: 245]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ ? مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ) مسلم2588.

وحذرَنَا النبيُّ ﷺ مِن فتنةِ المال ِعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ. (البخاري 6435)

وقد حذّرَ اللهُ سبحانَهُ وتعالي مِن عدمِ الاهتمامِ بالفقراءِ والمساكين وأنَّ جزاءَ مَن يفعلُ ذلك سقر وبئسَ المصير، قالَ تعالي (‌مَا ‌سَلَكَكُمۡ فِي سَقَرَ ٤٢ قَالُواْ لَمۡ نَكُ مِنَ ٱلۡمُصَلِّينَ ٤٣ وَلَمۡ نَكُ نُطۡعِمُ ٱلۡمِسۡكِينَ) [المدثر: 42-44] وهذا دليلٌ علي بشاعةِ الذنبِ وعظمهِ وهو حرمانُ المسكين، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : وَيْلٌ لِلْأَغْنِيَاءِ مِنَ الْفُقَرَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُونَ : رَبَّنَا ، ظَلَمُونَا حُقُوقَنَا الَّتِي فَرَضْتَ لَنَا عَلَيْهِمْ ، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي ، لَأُدْنِيَنَّكُمْ وَلَأُبَاعِدَنَّهُمْ ” ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللهِ ﷺ : { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } . (الطبراني 4813).

3ـ مِن صورِ التكافلِ في الإسلامِ.

1ــ النفقاتُ العامةُ والصدقاتُ التطوعيةُ:

قالَ تعالَي (مَّثَلُ ٱلَّذِينَ ‌يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتۡ سَبۡعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنۢبُلَةٖ مِّاْئَةُ حَبَّةٖۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ ) [البقرة: 261]

كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءُ ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلهِ ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ ، حَيْثُ شِئْتَ فَقَالَ : بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَائِحٌ ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا ، وَأَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ . قَالَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. (البخاري 2318).

والانفاقُ في سبيلِ اللهِ سنةٌ حسنةٌ يؤجرُ صاحبُهَا إلي يومِ القيامةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ. (البخاري1017)

2ــ الزكاةٌ

قالَ تعالَي (‌خُذۡ ‌مِنۡ ‌أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٞ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ١٠٣)

وجاءَ الإسلامُ وأوجبَ علي المسلمينَ هذا الحقَّ فقالَ تعالَي (وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ ‌حَقّٞ ‌مَّعۡلُومٞ ٢٤ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ٢٥) [المعارج: 24-25]

3ــ القرضُ الحسنُ

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا: الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ.

4ــ الوقفُ وهو حبسُ الأصلِ، وتسبيلُ المنفعةِ:

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ بِخَيْبَرَ أَرْضًا فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: أَصَبْتُ أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ مِنْهُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ قَالَ: إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. فَتَصَدَّقَ عُمَرُ: أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْقُرْبَى وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ (البخاري 2772).

4ـ أثرُ التكافلِ على المجتمعِ.

يؤدِّي إلي تلاحمِ المجتمعِ وترابطهِ وتحقيقِ الألفةِ بينَ أفرادِه، فالبرُ  يُوصِلُ إلَى الْقُلُوبِ أَلْطَافًا، وَيُثْنِيهَا مَحَبَّةً وَانْعِطَافًا. وَلِذَلِكَ نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى التَّعَاوُنِ بِهِ وَقَرَنَهُ بِالتَّقْوَى لَهُ فَقَالَ: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]؛ لأنَّ في التَّقْوَى رِضَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِي الْبِرِّ رِضَى النَّاسِ. وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ رِضَى اللَّهِ تَعَالَى وَرِضَى النَّاسِ فَقَدْ تَمَّتْ سَعَادَتُهُ وَعَمَّتْ نِعْمَتُهُ.

وَقَالَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:

وَيُظْهِرُ عَيْبَ الْمَرْءِ فِي النَّاسِ بُخْلُهُ … وَيَسْتُرهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا سَخَاؤُهُ

تَغَطَّ بِأَثْوَابِ السَّخَاءِ فَإِنَّنِي … أَرَى كُلَّ عَيْبٍ فَالسَّخَاءُ غِطَاؤُهُ

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْجُودُ حَارِسُ الْأَعْرَاضِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ جَادَ سَادَ، وَمَنْ أَضْعَفَ ازْدَادَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لَسَادَاتُ النَّاسِ: فِي الدُّنْيَا الْأَسْخِيَاءُ وَفِي الْآخِرَةِ الْأَتْقِيَاءُ«أدب الدنيا والدين» (ص184).

وقَالَ الشَّاعِر:

وَمَا ضَاعَ مَالٌ وَرَّثَ الْحَمْدَ أَهْلَهُ … وَلَكِنَّ أَمْوَالَ الْبَخِيلِ تَضِيعُ

ونختمُ لقاءَ اليومِ بسيدِنَا أبى الدحداحِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً ، وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا ، فَمُرْهُ يُعْطِينِي أُقِيمُ بِهَا حَائِطِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : أَعْطِهِ إِيَّاهَا بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ ، فَأَبَى ، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ ، فَقَالَ : بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي ، فَفَعَلَ فَأَتَى أَبُو الدَّحْدَاحِ النَّبِيَّ ﷺ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي وَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا ، فَاجْعَلْهَا لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : كَمْ مِنْ عَذْقٍ دَوَّاحٍ لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ ، مِرَارًا ، فَأَتَى  أَبُو الدَّحْدَاحِ امْرَأَتَهُ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ ، فَقَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَتْ : رَبِحَ السِّعْرُ .

نسألُ اللهَ تعالي أنْ يتقبلَ منَّا ومنكُم صالحَ الأعمالِ وأنْ يبلغنَا رمضانَ إنَّه على كلِّ شيىءٍ  قدير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!