أخبار مصرعاجل

الإمام الأكبر: محاسبة الشريعة عن عادات سيئة وموروثات المجتمع جهل فاضح

من الوثائق الأزهرية دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة

الإمام الأكبر: محاسبة الشريعة عن عادات سيئة وموروثات المجتمع جهل فاضح

الإمام الأكبر: محاسبة الشريعة عن عادات سيئة وموروثات المجتمع جهل فاضح
الإمام الأكبر: محاسبة الشريعة عن عادات سيئة وموروثات المجتمع جهل فاضح

كتبت : سلوى صالح 

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف: “أنني لا أدعي ريادة ولا زعامة في قصة: “تجديد الفكر الإسلامي” بشكل عام، وتجديد “الفكر الفقهي” بشكل خاص، وكل ما أزعمه في هذا الشأن هو: الهم المتواصل الذي رافقني منذ العهد الباكر في التعليم حتى اليوم، لا أقول: حول مستجدات اجتماعية أو اقتصادية تبحث عن تكييف شرعي، بل حول موروثات، ليست من الدين ولا من الشريعة، تتسلط على حياة الناس، وتتحكم في تصرفاتهم، وتلحق بهم الكثير من الحيف والظلم، وبخاصة في مجال المرأة والطبقية، والمساواة بين الناس، ومجال الاجتماع بشكل عام”.

وأضاف الإمام الأكبر خلال حديثه عن قضية التجديد اليوم في الحلقة التاسعة عشرة من برنامج الإمام الطيب، الذي يذاع للعام الخامس عبر فضائيات مصرية وعربية: قد لازمني هذا الهم كلما أثارته المفارقات الاجتماعية التي لا نجد لها تفسيرا لا على مستوى الشريعة، ولا على مستوى الرقي الإنساني، ولم يدر بخلدنا -نحن شباب الأزهر في يوم من الأيام أن الشريعة مسؤولة عن هذه العادات السيئة; فقد كنا على دراية كاملة بما تتضمنه مقررات الفقه والتفسير والحديث، وأن كثيرا من هذه الأحكام غير مطبق في حياتنا، بل مصادر عن عمد لصالح عادات وموروثات جاهلية حلت محلها في قيادة المجتمعات منذ أمد بعيد، وأن من الظلم، بل من الجهل الفاضح، محاسبة “الشريعة” بما لا نجده في توجيهاتها وأحكامها، وإن وجدناه مترسخا في سلوك المسلمين في الشرق والغرب.

وتطرق الإمام الأكبر للحديث عن موضوع التجديد، وقال إن وسائل الإعلام -في الآونة الأخيرة- تناولته وازداد غموضا وانبهاما بسبب كثرة الكلام فيه من غير أهل الاختصاص، حتى كاد أن يصور للناس وكأنه المسؤول الأول عن كل أزمات العالم العربي: أمنيا وسياسيا، وحتى سمعنا أصواتا تنادي بإلغاء التراث جملة وتفصيلا، وأصواتا أخرى تطالب بالعودة إلى ما كان عليه سالف الأمة وصالح المؤمنين في القرون الثلاثة الأولى، وأن نضرب بجرة قلم على ما سوى ذلك.

وبين الإمام الأكبر جهود الأزهر في هذا الشأن، وقال: لكي يكون دفاعنا عنه موثقا بسجلات التاريخ وليس كلاما في الهواء كالذي نسمعه في مثل هذه المواقف; لكي يكون ذلك كذلك أستسمحكم في العودة إلى الوراء عشرين عاما، وتحديدا في شهر يونيو من عام 2001م; حيث عقد مؤتمر دولي عن تجديد الفكر الإسلامي، عقدته وزارة الأوقاف أيام أن كان أستاذنا الجليل المرحوم أ.د. محمود زقزوق، وزيرها المسؤول رحمه الله رحمة واسعة وكان -بحق- أول من فتح ملف تجديد الفكر الإسلامي بعد الشيخ شلتوت والدكتور محمد البهي، وعقد له مؤتمرا دوليا جمع له العلماء من مختلف دول العالم الإسلامي، وقد شاركت -أيامها- في هذا المؤتمر ببحث بعنوان: “ضرورة التجديد”، حرصت فيه على تشخيص القضية، وعرض العقبات التي تعوق طريق الحل، والاقتراحات التي اقترحتها لتخطي هذه العقبات.. وكنت أرى -ولا زلت- أن أخطر هذه العقبات هي: فتاوى عتيقة لم تعد تنفع المسلمين اليوم، والترويج لفتاوى ماجنة تصدر عادة إما من جهلاء بالإسلام وعلومه وتراثه، يقومون بدور معين مرسوم في تشويه مقدسات المسلمين، وإما من منتسبين إلى العلم يهون عليهم بيعه في سوق المنافع وبورصة المناصب والأغراض الدنيا.

وتابع الإمام الأكبر: ثم ساقتني الأقدار الإلهية إلى مشيخة الأزهر في مارس من عام 2010م، ولم تمض شهور حتى دخل العالم العربي كله في ما يشبه منطقة “الضباب” وفقدان القدرة على تحديد الاتجاه الصحيح.. ورغم هذه الأجواء الملبدة بغيوم سوداء استطاع الأزهر – بتوفيق من الله تعالى وحده أن يقوم بدور وطني جمع فيه العلماء والمفكرين والكتاب والصحفيين والإعلاميين وكبار رجال الأديان; لمناقشة هموم الوطن، وإصدار وثائق تساعد المسؤولين في واجب الحفاظ على وحدة البلد وحمايته من الانزلاق إلى ما انزلقت إليه بلدان أخرى من حروب أهلية يعقبها الدمار والخراب والاستقواء بقوى خارجية.

وأوضح الإمام الأكبر أن الوثيقة الأولى كانت حول مستقبل مصر، والثانية عن دعم إرادة الشعوب العربية، والثالثة عن منظومة الحريات الأساسية الأربع: حرية العقيدة، وحرية البحث العلمي، وحرية الرأي والتعبير، وحرية الإبداع الأدبي والفني، ووثائق أخرى صدرت في صورة “بيانات من الأزهر”.. وكعادتي أتساءل: بم نسمي هذا الدور الوطني القيادي الذي اضطلع به الأزهر الشريف، وشارك به في سير أحداث الوطن، وحمايته من المتربصين في الداخل والخارج أنسميه إنجازا في عمق عملية “التجديد”، أم نسميه نشاطا “داعشيا” فيما يزعم المرجفون والذين في قلوبهم مرض!

وتلا الإمام الأكبر في ختام الحلقة التاسعة عشر بعضا مما تتضمنه هذه الوثائق الأزهرية; مما يدل على دور الأزهر الوطني والتجديدي في هذه الظروف والملابسات العصيبة; فقد جاء فيها:

– دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، التي تعتمد على دستور ترتضيه الأمة… والتأكيد على أن الإسلام لا يعرف في تشريعاته ولا تاريخه ما يعرف في الثقافات الأخرى بالدولة الدينية التي تسلطت على الناس، وعانت منها البشرية في كثير من مراحل التاريخ.

– الالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، واعتبار المواطنة مناط المسؤولية في المجتمع.

– الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، وضرورة اجتناب التكفير والتخوين واستغلال الدين واستخدامه لبعث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، مع اعتبار الحث على الفتنة الطائفية والدعوات العنصرية جريمة في حق الوطن.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!